الإنفاق على العيال – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا)
تعتبر هذه الآية الشريفة من آيات الأحكام، أي الآيات التي تشتمل على التكاليف الشرعية، وهي تصنف من ضمن آيات الفقه الاقتصادي للأسرة.
إن الزوج بطبيعة الحال هو المسؤول عن عملية الإنفاق على العيال في الأسرة، كما أن الروابط الأسرية تكون على قسمين: فهي إما أن تكون عبر العلاقة الزوجية أو عبر علاقة القرابة التي تربط بين الابن والأخ والبنت وغيرهم، والآية الكريمة تتعلق بخصوص العلاقة الزوجية.
ثم إن العلاقة الزوجية تتناول نوعين من عناصر الأسرة المنضوية تحت هذا القسم:
الأول: المرأة الفعلية أي الزوجة الموجودة فيعلا في عصمة الرجل.
الثاني: المرأة المطلقة طلاقا رجعيا وهي لا زال في عدها، فهي شرعا تعتبر في عصمته، لأنه قد يرجع إليها، إذ أن له ذلك متى شاءت ما دامت في العدة.
فالآية تأمر الزوج بالإنفاق عليهما.
المعروف أن غضر الإنسان من جمع الثروة إعالة أسرته، فإن الله تعالى يأمر الإنسان بالتوسعة على عياله ما دام الله قد وسع عليه رزقه من الطعام وغيره.
وللإنفاق آثار إيجابية كثيرة نذكر منها أنه حصن من الانحراف، فعلى الأب الموسر أن لا يقتر على عياله، لأن التقتير عليهم ربما يقودهم أحيانا إلى الانحراف، فمثلا في هذا العصر استجدت كماليا متنوعة، فإذا تخلف الأب عن توفيرها لعائلته أو أبنائه فإن ذلك قد يوردهم مورد الانحراف، لأنهم يرون أترابهم وأقرانهم يحصلون على كل ذلك دونهم، فالأب في بعض الحالات يساعد على الانحراف فيما إذا قتر على أهله وعياله، فالإنفاق على العيال حصن يمنع الأبناء من الانحراف.
ومنها أنه مجلبة للرزق، فقد ورد في الحديث (تنزل المعونة على قدر المؤونة)، فالله ينزل الرزق على الإنسان بقدر إنفاقه على أهله وعياله.
ومنها أنه يدفع عذاب القبر، فالإنفاق على العيال يعتبر من أبرز مصاديق التوسعة عليهم، والتوسعة هنا داخلة في إطار المعاملة الحسنة مع الأسرة، وهي المعاملة التي أمرنا بها، ذلك أن هذه المعاملة الحسنة تدفع عذاب القبر، فقد ورد (أكثر عذاب القبر من سوء الخلق مع العيال).