قد ابلغوا رسالات ربهم – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا)
من أكبر المشاكل التي واجهت الدعوة الإسلامية في مكة، أنه كان من الصعب على المشركين تقبل فكرة أن الله يرسل نبياً من عنده ليبلغ رسالاته سبحانه،
لأن المجتمع القرشي كان قائم على فكره الوثنية، ولهذا لم يكن في العهد المكي أحكام شرعية، إنما كانت آيات القرآن تصب تركيزها على ترسيخ مبدأ وجود الله عز وجل ووحدانيته، فالإيمان بالله تعالى وبالتوحيد أساس كل فضيلة ومنه تنطلق جميع القيم النبيلة.
وتتمحور الآية الكريمة على أن النبي صلى الله عليه وآله إنما يقوم بتبليغ رسلات الله تعالى، وأنه ليس له أن يغير أو يبدل في شيء من التشريعات الإلهية، (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ).
فكان كثير من العرب يطلب من النبي أن يغير تشريع من التشريعات الإلهية، فمشركو قريش شرطوا على النبي أن يسمح لهم بعبادة الأصنام حتى يتبعوا دينه، والبعض الآخر من العرب طلب منه أن يحلل الخمر، وآخرون كلبوا أن يسمح لهم بالزنا.
فلم يكن جواب النبي صلى الله عليه وآله لكل منهم، أن الأمر النازل في القرآن هو من عند الله، وهو وحده من له السلطة على أن يبيح أمر أو يحرمه، بل إن الله عندما أمر النبي أن يسد جميع أبواب المسجد النبوي إلا باب علي عليه السلام اعترض البعض كما جاء نصه في الحديث:
عن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعه في المسجد، فقال يوما: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، فتكلم في ذلك أناس، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإني اُمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، والله ما سددت شيئاً ولا فتحته، ولكني اُمرت بشيء فاتّبعته.