الشعر في الإسلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)
جاءت هذه الآية الكريمة من بعد قوله تبارك وتعالى (والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون)، فجاءت هذه الآية تستثني جماعة خاصة من الشعراء.
الشعر هو قسم من أقسام التصوير، فتارة يمسك المصور بريشة بيده ويصور لنا مشهدا، وأخرى يمسك بقلم ويصور بالقلم، فالشعر لون من ألوان التصوير، غاية ما في الأمر أن التصوير تصوير بالمادة والشعر تصوير بالمعنى.
لعب الشعر في حضارة العرب دورا ضخما جدا، فكان لدى الشعر تأثيرا بحيث أنهم كانوا يعتبرون مكانة الشعراء كمكانة النبي، وكانت القبيلة إذا برز فيهم شاعر احتفت به وصنعت له الولائم وكرمته وأعطته منازل غير محدودة، فكان الشعراء يلعبون دورا كبيرا في تاريخ العرب، ولو خلت قبيلة من شاعر كانت عرضة للشتم.
لا نزال إلى اليوم نلاحظ نماذج من الناس يشتم كل من يراه أمامه، وهو نوع مرض يصيب بعضهم، وهكذا كان الشعراء عند العرب يردون على كل من يحاول النيل من القبيلة والتعرض لها بالشتم، فكان الشعراء يعتبرون مدافعين عن القبيلة وسبيل وقاية لها، وكانوا يخبئون الكلمة الشعرية إلى أن يأتي وقتها وكأنها ذخيرة من ذخائر الأسلحة التي يحاربون بها.
عندما دخل النبي صلى الله عليه وآله مكة المكرمة في عمرة القضاء وقد جاء معه مجموعة من أصحابه، وكان المشركون قبلها قد صدوه عن أداء العمرة، فلما دخل كان أمامه عبد الله بن رواحة، وكان عبد الله بن رواحة يعتبر من شعراء المسلمين المؤمنين الملتزمين.
كان عبد الله بن رواحة ممسكا بزمام ناقة النبي صلى الله عليه وآله، وكان يقرأ بعض الأبيات في نصرة الإسلام، فالتفت إليه عمر بن الخطاب معترضا عليه لقراءته الشعر في حرم الله وعند بيت الله الحرام وبين يدي النبي، فأسكته النبي صلى الله عليه وآله قائلا: خل عنك، إن هذا أسرع فيهم من نضح النبل.
مواضيع مشابهة
وهج الغدير – 5 – الإمام علي عليه السلام في الشعر الفصيح
أحاديث في فضل إنشاد الشعر في مدح أهل البيت (ع)