العلاقة بين الإنس والجن – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا)
هذه الآية الكريمة نزلت بلسان قوم من الجن، بحيث أنه حتى معاشر الجن فيهم المؤمن والمسلم وفيهم الكافر، وفي هذه الآية هناك عدة نقاط:
أن الجن هل لهم وجود خارجي موضوعي أم ليس له وجود في الخارج؟ ونحن نعلم أن الموجودات الخارجية هي المحسوسة التي إما ترى بالعين أو تسمع بالأذن أو تلمس باليد.
ومما لا شك فيه أن هذه الكائنات رغم أنها غير محسوسة إلا أن لها وجود، بل إن نفس القرآن الكريم نص بعدة آيات على وجودها.
والأمر الآخر أن الجن هل لهم سلطة على الإنسان أم أن الإنسان له سلطة عليهم؟ وهل يوجد بينهم أم لا يوجد؟ والجواب أنه لا يوجد بينهم وبين البشر أي نوع من الاتصال ولا يتسلط أحدهم على الآخر.
وإن كل ما يدعيه البعض من أن بينهم تزاوج، أو أن الجن يمس ابن آدم بالأذى أو أن أحد المشعوذين عنده القدرة على تسخير الجن لخدمه ما هو إلا ادعاء باطل، وإما أن يكون صاحب هذا الادعاء دجال يسلب الناس مالهم ويدمر حياتهم، وإما أن يكون ليس من أهل العلم.
ومن ثم إن الله تعالى يقول: (مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا)، أي أن الزوجين هما من جنس بعضهم البعض، فلا يصح أن يتزوج الجن من الأنس وكل أحد منهما من جنس مختلف، فالبشر مخلوقون من طين والجن من النار.
فمن الغريب أن يأتي بعض المحدثين من المذاهب الإسلامية ويذكر أن الصحابي سعد بن عبادة قد قتله الجن، والحال أنه اغتيل اغتيالاً بسبب اعتراضه على بيعة الأول، وقد اخترعوا رواية مقتله على يد الجن حتى يخفوا جريمة اغتياله.
فقد ذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى: عن محمد بن سيرين يحدث: أن سعد بن عبادة بال قائما، فلما رجع قَال لأصحابه: إني لأجد دبيبا، فمات، فسمعوا الجن تقول:
قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة *** رميناه بسهمين فلم نخط فؤاده.