أنواع آيات الأحكام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا * ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)
هذه الآية الكريمة من آيات الأحكام، أي الآيات التي تتناول التكاليف، وتستطيع أن تسميها العمود الفقري للقرآن الكريم، فآيات الأحكام تشكل العمود الفقري للقرآن الكريم وهيكله، لأنها تتناول التكاليف الشرعية.
ولآيات الأحكام صنفان: صنف نعبر عنه بالنص، ومعنى النص هو أنه لا يحتمل التأويل ولا وجها آخر، كما في قوله تعالى (قل هو الله أحد)، فلا مجال هنا للتأويل بأن واحد هنا يمكن أن تكون اثنان، فهي لا تحتمل وجها آخر بالمرة.
هذا النص في مثل هذه الصورة لا يجوز الاجتهاد فيه، فلا يوجد مجتهد يستطيع أن يأتي بأدوات الفن ويعملها ويستخرج منها استنتاجا آخر، فهي صريحة يفهمها كل شخص، كما في قوله تعالى أيضا (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)، فهذه آية صريحة غير قابلة للتأويل أبدا، وغير قابلة للاجتهاد مطلقا.
وهناك نوع من آيات الأحكام نعبر عنه بالظاهر، فالظاهر يقبل الاجتهاد أي يمكن أن تختلف فيه آراء المجتهدين، مثل قوله تعالى (المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) فالقرء في اللغة هو الحيض، والطهر يسمى في اللغة قرءا أيضا، فهو من الألفاظ المشتركة.
هنا يأتي أحد الفقهاء ويقول بأن المطلقة عدتها ثلاثة قروء بمعنى ثلاث حيضات، فإذا دخلت في الحيضة الثالثة يجوز أن تخطب وتتزوج.
آخر يقول: لا، المراد بثلاثة قروء الطهارة، فلا تخرج المتزوجة من عدتها إلا أن تتطهر، بمعنى أن تنهي الحيضات الثلاث وتتطهر، وبعد الطهر يمكنها الزواج، والفرق عمليا 7 أو 10 أيام تقريبا.
المهم أن مثل هذه الآيات من آيات الأحكام فيها مجال للاجتهاد، فهي تحتمل وجها كما يمكن أن تحتمل وجها آخر.
مواضيع مشابهة
المنبر العميد – 420 – الانفاق في سبيل الله