قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

الشرك الخفي والشرك الظاهر – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)

يروي المفسرون حول السبب في نزول هذه الآية الكريمة أن الأنصار الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة العقبة عندما أرادوا أن يبايعوه قالوا له: اشترط لربك ولنفسك ما شئت، فقال صلى الله عليه وآله: أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم. قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال صلى الله عليه وآله: لكم الجنة، فقال عبد الله بن رواحة: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل، فنزلت هذه الآية الكريمة تبارك ذلك الموقف وتمدح من اتخذ منه شعارا وعبرة في حياته.

إن سبب النزول الذي ذكرناه آنفا يوحي لنا بشيء يثير في النفس تساؤلا ألا وهو أن النبي صلى الله عليه وآله -كما هو واضح- كان يخاطب ثلة مؤمنة من الناس تريد أن تبايعه، بل إنها هي التي طلبت منه أن يشترط لربه تعالى ولنفسه صلى الله عليه وآله، فما هو الداعي إذن والمبرر لأن يخاطبهم صلى الله عليه وآله مشترطا عليهم بقوله: أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا؟

إن معرفة المراد الحقيقي من الشرك هنا معرفة صحيحة يحل لنا هذا الإشكال، أي أن فهم هذه الإشكال والتوصل إلى حله يعتمد اعتمادا مباشرا على معرفة المراد واقعا من الشرك هنا.

وبناء على هذا فإننا نقول إن علماء الأخلاق يقسمون الشرك إلى قسمين رئيسيين: الأول: الشرك الظاهر: وهو الشرك بالله تبارك وتعالى على صعيد ألوهيته جل شأنه، فيجعل الإنسان له تعالى شريكا في الخلق والعبادة.

والقسم الثاني: الشرك الخفي: وهذا اللون من الشرك -بحسب الظاهر الذي يتبادر إلى الأذهان- هو المراد من الشرك في هذا المقطع من آية المقام الكريمة، وليس هو الشرك في الألوهية أو الشرك في الخلق، بمعنى أنه ليس الشرك الذي يراد به أن يجعل الإنسان مع الله تبارك وتعالى إلها خالقا غيره له إرادة مستقلة في ذلك، أو أن يعبد غيره جل وعلا، كأن يعبد شاخصا أو صنما أو ووثنا أو أي معبود من المعبودات التي كانت شائعة بين الناس آنذاك حتى يقال في مقام الإشكال كيف يشترط النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لربه على ثلة مؤمنة بالله تعالى عدم الشرك به، إذ أن المراد منه هنا هو الشرك الخفي.

مواضيع مشابهة

نهج الأنبياء – 9- تنزيه النبي إبراهيم ع عن الشرك

معالم المدرسة الإبراهيمية