النبي محمد صلى الله عليه وآله، الشخصية التي وصفها الله تعالى بأنها “رحمة للعالمين”، كان رمزًا للرحمة والكمال في كل أبعاد شخصيته. عبر مروره بمراحل عدة في حياته، قدم النبي الأكرم مثالًا يُحتذى به في الصبر، الحكمة، والتربية الإلهية.

الآية الكريمة وتصوير الرحمة

قال الله تعالى في القرآن الكريم:
“(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)”
(سورة الأنبياء: 107)

هذه الآية توضح أن النبي صلى الله عليه وآله كان تجسيدًا كاملاً لمفهوم الرحمة، ليس فقط لأتباعه بل للعالمين كافة. الرحمة كانت سمة بارزة في جميع مراحل حياته، من ولادته وحتى ارتحاله إلى الرفيق الأعلى.

مراحل حياة النبي صلى الله عليه وآله

سيرة النبي مرت بثلاث مراحل رئيسية:

من ولادته إلى يوم بعثته:
ولد النبي في اليوم الثامن عشر من شهر ربيع الأول، وفي رواية أخرى في الثاني عشر من ربيع الثاني، وكان ذلك في عام الفيل. كان والده ووالدته موحدين مؤمنين، كما يشير القرآن الكريم في قوله تعالى: “(وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ)”.
من بعثته إلى هجرته:
خلال هذه الفترة، دعا النبي قومه إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك، وتحمل الصعاب والأذى من قريش في سبيل نشر الدعوة.
من هجرته إلى يوم وفاته:
بعد هجرته إلى المدينة، أسس النبي صلى الله عليه وآله دولة إسلامية قائمة على العدل والمساواة، وكان قائدًا ورحيمًا بأصحابه وأعدائه على حد سواء.

كمال شخصية النبي رغم اليتم

على الرغم من أن اليتم عادة يترك في نفس الطفل نقصًا عاطفيًا، إلا أن شخصية النبي محمد صلى الله عليه وآله كانت متكاملة. ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: “إن الله عز وجل أيتم نبيه ليكون له استقلال في طاعته”، وهذا يعزز الفكرة أن الله تعالى أراد أن يجعل النبي مستقلًا في أمره دون أن يتأثر بسلطة بشرية.

ورغم يتمه، حظي النبي برعاية خاصة من عمه أبي طالب وزوجته، اللذين أوليا النبي اهتمامًا كبيرًا. كانت زوجة عمه تترك أولادها وتعطي الأولوية لرعاية النبي، مما ساهم في إشباع جانبه العاطفي.

كمال النبي من الناحية التربوية

النبي صلى الله عليه وآله قال عن نفسه: “أدبني ربي فأحسن تأديبي”. هذا البيان يُظهر أن الله تعالى هو من تولى تربيته وتعليمه، مما جعله يتمتع بالكمال الخلقي والروحي. وهذا يظهر في تعامله مع الناس، حيث كان يحرص على الرحمة والعدل في جميع مواقفه.

دحض الشائعات حول والدي النبي

من الغريب ما تروجه بعض الفرق الإسلامية بأن والدي النبي كانا كافرين. وقد قال أحد الشعراء في رد على هذه الادعاءات:

لم تَزَلْ في ضمائرِ الكونِ تُختَارُ
لك الأُمهاتُ الأَباءُ
ما مضتْ فَترةٌ من الرُّسْلِ إِلّا
بَشَّرَتْ قومَها بِكَ الأَنبياءُ
تتباهَى بِكَ العصورُ وَتَسْمو
بِكَ علْياءٌ بعدَها علياءُ

الخاتمة

شخصية النبي محمد صلى الله عليه وآله هي شخصية متكاملة، جمعت بين الرحمة والعدل والكمال الروحي. ورغم الصعوبات التي واجهها في حياته، ظل قدوة للمسلمين وللإنسانية جمعاء، حيث جسّد قيم الرحمة والتسامح في كل أفعاله.

نعي وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله

مواضيع مشابهة

المنبر العميد – 68- صفة الرحمة لدى النبي الأكرم ص

دروس من سيرة النبي المصطفى (ص)