تقليد الآباء واتباع الأهواء – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ)
أشارت هذه الآية الكريمة إلى أن عبادة قريش للأصنام لم تكن عن وعي وتفكير وبحث إنما هي تقليد للآباء وبدون أدنى وعي وتفكير، وإن مسألة تقليد الآباء ليست فقط خاصة بقريش، بل إن جميع الناس يخضعون لما يسمى بالتقاليد.
إن الالتزام بالعادات والتقاليد أمر شائع بين جميع البشر وإن كان يختلف بين عصر وآخر وبين بلد وآخر، فالتقاليد هي عبارة عن تجارب الآباء التي ينقلونها إلى الأبناء، ويتلقاها الأبناء بكل تسليم وبدون أدنى وعي أو شك في صحة ما ذهب إليه الآباء، وهي بعكس الوراثة، فالوراثة تنتقل بشكل فردي أما التقاليد فتنتقل بشكل جماعي بين أبناء المجتمع الواحد.
ولهذه العلة كبر على المشركين في مكة والجزيرة ترك عبادة الأصنام، بل إنهم كبر عليهم أن يأتي من يسفه آلهتهم ويدعوهم لتركها، وطلبوا من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أن يعبد هو الآخر آلهتهم، لكن رده كان عليهم بقوله تعالى: (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ).
بل إن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وصف عقيدتهم بأنها اتباع للأهواء ولما كان عليه آباؤهم من دون تفكير وبحث وتدقيق حيث قال تعالى: (قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ).
وفي الآية إشارة لا بد من تسليط الضوء عليها وهي الأسلوب الجميل في الرد عند رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يقل لهم إنكم ضالون بل قال: (لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) أي إن اتبعت أهواءكم أكون ضالا.