شذرات من حياة الإمام زين العابدين ع د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
إن الإسلام لم يعني بموضوع الأنساب من باب العصبية القبلية، نعم إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)، وذلك لأن العوامل الوراثية تلعب دوراً كبيراً في نشأة الفرد وسلامته وكذلك تؤثر تأثيراً كبيراً على أخلاقة.
فالرسول صلى الله عليه وآله لم يرفع من مكانة أمير المؤمنين وابنته فاطمة الزهراء وأبنائهم عليهم السلام من باب القرابة له، بل إنما الإسلام أكد على (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
فعلى هذا الأساس رفع الله تعالى من شأن آل محمد عليهم السلام، فلا يجد الباحث قوماً من الماضين واللاحقين من يملك علم وأخلاق وشجاعة وكمال أكثر من أئمة أهل بيت محمد عليهم السلام، وذلك باعتراف المؤالف والمخالف.
لذلك كان الإمام زين العابدين عليه السلام كان يلقب بـ ابن الخيرتين لأنه من جانب هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وجدته هي فاطمة بنت محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي، ومن جانب آخر هو بن شهر بانويه بنت كسرى، فكان يقال لعلي بن الحسين عليه السلام: ابن الخيرتين، فخيرة الله من العرب هاشم ومن العجم فارس.
ومن ثم إن الإمام السجاد عليه السلام كان قد عاصر ثلاثة من الأئمة المعصومين عليهم السلام، فكانت ولادته في عهد جده أمير المؤمنين عليه السلام، ومن ثم عاصر عمه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، بالإضافة إلى نشأته الكاملة برعاية أبيه سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.
وهذه الفترة التي أمضاها في حياته قبل كربلاء كانت ذاخرة بالأحداث والابتلاءات، حيث أنه كان شاهداً على حروب كل من جده وعمه وشهادة كل منهما، تلك الابتلاءات التي ختمت بواقعة كربلاء الفجيعة لتؤهله بجدارة لاصطفائه من الله تعالى إلى منصب الإمامة الإلهية، حتى يحمل على عاتقة أثقالها ومسؤلياتها.
فكان عليه السلام مسؤولاً عن إكمال مسيرة أبيه الحسين عليه السلام في إرشاد وقيادة الأمة، وتصحيح انحرافها بعدما ضلل بنو أمية طريق المسلمين بانتهاكهم حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله.
فكانت خطته في تصحيح مسار المسلمين: بفضح بني أمية أولاً، ونشر مظلومية الإمام الحسين ثانياً، وتربية جيل عقائدي متفقه بالدين والأخلاق ونشر علوم أهل البيت عليهم السلام في جميع أنحاء المعمورة.
نعي مصائب الإمام زين العابدين عليه السلام