علاقة الإنسان بربه وبأرضه – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)
إنما نحن نتوجه بعبادتنا إلى الله تعالى لأنه هو الخالق وهو الزارق وهو كل شيء، وكانت عبادة الله تعالى هي دعوة وشعار كل الأنبياء عليهم السلام، وذلك لأن أساس الانحرافات هو عبادة غير الله سبحانه وتعالى، وليس شرطاً أن يكون المعبود هو صنم أو شخص أو كوكب، فقد ترى من يدعي عبادة الله تعالى وهو لا يعبد إلا نفسه وهوه ولا يطيع إلا شيطانه.
فعندما يأمرنا الله بطاعة ونتكاسل عنا إنما نطيع ذاتنا التي تميل إلى الراحة وعندما يأمرنا بترك الزنا ولا نمتثل إنما نطيع غرائزنا وشهواتنا، وكذلك عندما نسفك دماً محرماً إنما نستجيب لوحشية أنفسنا الآمارة بالسوء.. كذلك هناك من يدعي عبادة الله وهو يقدم الأعراف الاجتماعية والعشائرية على شريعة الله تعالى.
وقوله تعالى: (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ) فيه دلالة واضحة على أن الأرض هي أمنا الأولى، لذلك ترى عندما تتعرض أرض لخطر عدو يهب شبابها للدفاع عنها، كما يدافع أحدنا عن أمه، وبنفس تلك العاطفة تراه يحن على أمه إذا كبرت ومرضت، وهذا ما أراده الإسلام من خلال تعزيز القيم الأسرية إلى ربط الفرد بأمة الوالدة وأمه الأولى وهي الأرض.
وقوله تعالى: (وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) أي أن الله تعالى جعلنا في هذه الأرض لنعمرها ونزرعها وندب الحياة فيها، لكن مع الأسف التطور التكنولوجي في عصرنا رغم أنه خدم الإنسان من جهة إلا أنه خلف للأرض التلوث البيئي الذي نجم عنه الأمراض والأوبئة التي بدورها ضرت الإنسان من جهة أخرى.
فالمدقق في الشريعة الإسلامية يجد أنها شرعت قوانين تحافظ على سلامة البيئة، فهو نهى أن تقضى حاجة الفرد في ماء عذب وبجانب شجرة مثمرة، وسلب الملكية عن الماء وجعلها مشاعة لجميع البشر لأن الماء هو أساس الحياة بل هو الحياة (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ).
وعوداً على بداية الآية الكريمة فقد عبر الله عن نبيه صالح عليه السلام أنه أخ لثمود، رغم أن النبي صالح هو من صالح الأنبياء عليهم السلام وثمود هم قوم كفار معاندين محاربين لله! فكيف تنسجم أخوة بين كافر ونبي؟ وذلك لأن الله تعالى يريدنا أن نتعامل مع الإنسان حتى لو كان مخالفاً معاملة الأخ، فالأب واحد والأم واحدة ونعيش على أرض واحدة وخالقنا واحد فرسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (الإنسان أخو الإنسان أَحَبَّ أم كره) وقال: (كُلُّكُم مِن آدَمَ و آدَمُ مِن تُرابٍ).
نعي مصبية أبو الفضل العباس عليه السلام