أحوال الناس يوم القيامة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
يقول الله تعالى: “فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ” (المؤمنون: 101)، إشارة إلى لحظة النفخ في “الصُّور”، أي البوق، الذي يعلن بدء يوم القيامة. في بعض القراءات وردت الكلمة بكسر الصاد لتصبح “صور”، والتي قد تعني الصور والأشكال التي سيظهر بها الناس يوم القيامة. في ذلك اليوم، لا مكان للأنساب أو العلاقات الدنيوية، حيث يُحاسب كل فرد بناءً على أعماله.
هيئة الناس يوم القيامة
تصف الروايات الشريفة أن الناس يُحشرون يوم القيامة على هيئات مختلفة، تعبر عن أعمالهم وسلوكياتهم في الدنيا. وفيما يلي بعض الحالات التي وردت في الروايات:
-
الذين يحشرون على هيئة قردة
هؤلاء هم النمّامون الذين ينقلون الكلام بين الناس لإيقاع الفتنة والعداوة بينهم. يحشرون يوم القيامة في هيئة قردة، وهو عقاب يتناسب مع ما زرعوه من فساد بين الناس.
-
الذين يحشرون متخبطين
من يأكل الربا، كما قال تعالى في سورة البقرة: “الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ” (البقرة: 275). يحشر المرابون متخبطين وغير قادرين على المشي بثبات، مما يعكس كيفية سلبهم أموال الناس بطرق باطلة.
-
الذين يحشرون مقطوعي الأيدي والأرجل
هؤلاء هم الذين اعتدوا على جيرانهم ولم يحسنوا إليهم. فقد كان الجوار في الجاهلية الأولى غير مقدر، فجاء الإسلام ليؤكد على أهمية حسن الجوار. ومن أساء لجاره يعاقب بحشره يوم القيامة مقطوع الأيدي والأرجل، ليكون عاقبته من جنس عمله.
-
الذين يحشرون وألسنتهم تنزف قيحًا
هؤلاء هم المنافقون الذين يأمرون الناس بالبر ويخالفون ما يأمرون به. ورد أن هؤلاء يحشرون يوم القيامة وألسنتهم تنزف قيحًا كعقاب لعدم مطابقة أقوالهم لأفعالهم، مما يُظهر نفاقهم وخداعهم في الدنيا.
خلاصة
يوم القيامة هو يوم العدل الإلهي، حيث يحاسب كل إنسان على أعماله، ويُظهر ما كان خفيًا في الدنيا. يختلف حال الناس في هذا اليوم بناءً على أفعالهم وسلوكياتهم، وكل منهم يُجازى وفق ما قدمت يداه.