البحث حول قوله تعالى:(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)، د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله.
هناك نظرتان للإنسان، الأولى تعتبر الإنسان كيان غريزي يأكل ويشرب ويلبس ويشبع غرائزه المادية فقط وهو إن كان كذلك فلا يعدو كونه حيوانا كسائر الحيوانات بل قد تتفوق عليه كثير من الحيوانات في هذا الجانب وهناك نظرة للإنسان باعتباره عقل وروح وموقف وجسد.
إن الإنسان يحتاج إلى الطعام والشراب واللباس إلا أن ذلك ليس كل شيء في الحياة بل يجب أن يراعي أيضا متطلبات العقل والروح.
إن نظرية فرويد للأسف الشديد هي النظرية الحاكمة في الغرب وتدرس في الجامعات وتحتل حيزا كبيرا من الإعلام الغربي والحال أنها نظرية تعتبر الإنسان كيانا جنسيا لا غير.
إن الله سبحانه يريد من الإنسان أن يراعي جانب الاعتدال في تعامله مع الغريزة فلا يأكل ولا يشرب ولا يلبس إلا بالحد المعقول الذي لا يوصله إلى الإسراف والصنوف المتعددة من أنواع المطاعم والمشارب والملابس هي مما أحله الله تعالى ولم يحرمه ولكن أمر الله سبحانه أن يؤخذ ذلك عن طريق الكد والسعي لا بالتعدي على حقوق الآخرين والسرقة.
كان أميرالمؤمنين عليه السلام يتفقد بنفسه أحوال رعيته ويقوم بشأن الضعفاء والمعوزين منهم الذين لا يجدون قوت يومهم كما خرج ذات يوم ليواجه امرأة تكافح الفقر فأعد لها بنفسه الطعام وكذلك كان دأبه وكان يقول عليه السلام:(أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى).
لا تتحقق إنسانية الإنسان إلا بالسيطرة على غرائزه والهيمنة على ميوله.
إن أمير المؤمنين عليه السلام اشتهى ذات يوم تمرا فتناول تمرة ثم سرب عليها قليلا من الماء فقال من أدخله بطنه النار فأبعده الله، إن هذه البطن التي تشبع بالقليل من التمر والماء يدخل الإنسان بسببها إلى النار؟
إن عليا عليه السلام الذي ارتفع عن الغريزة أنتج تلك الخطب والكلمات الرائعة وكان من العظمة بمكان عليه السلام يأتيه الرجل فيقول له، لا أصلي خلفك ولا أقاتل معك فيقول له الإمام لا شأن لي بك ما دام المسلمون منك في امان أما لم يكن حال الأمراء الذي اتبعوا غرائزهم إلا الخوض في دماء المسلمين وانتهاك حرماتهم.
ما هي قصة التحكيم التي حصلت في وقعة صفين؟
عندما رفع أصحاب معاوية بأمر من عمرو بن العاص المصاحف فوق رؤوسهم، دعى بعض أصحاب أميرالمؤمنين إلى إلى إجابة القوم فلم يقبل الإمام عليه السلام ذلك وقال لهم إنها خدعة فلم يقبلوا بذلك وتكاثروا حول الإمام عليه السلام حتى أجبروه على التحكيم وأجبروه مرة أخرى على اختيار أبي موسى الأشعري حكما وكان الإمام يريدها لعبدالله بن عباس فخلع أبو موسى الأشعري الإمام عليه السلام من الخلافة وأثبتها عمرو بن العاص لمعاوية عليهم من الله ما يستحقان.
ازدواجية معايير التاريخ في تناول سيرة أهل البيت عليهم السلام وسيرة أعدائهم.
إن للأمل أثر كبير في استمرار الحياة فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه لولا الأمل لما أرضعت أم ولدها ولما غرس غارس شجرة، والأمل هو الذي يدفع الإنسان إلى تغيير الحال والاندفاع نحو الحياة.
إن الأمل إذا تجاوز حدوده فعندها سيدمر الإنسان فقد روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:(إن أخوف ما أخاف على أمتي الهوى وطول الأمل)
لا تستقيم أمة ولا تنال عزتها وكرامتها إذا لم تدع الحرص وطول الأمل جانبا عندها لا تؤثر عدة أيام من الحياة على كرامتها وعزتها بل تجاهد في سبيل الحصول عليها ولا تخشى في ذلك أحدا.