من أجمل وأعمق التعاليم الإسلامية هو التركيز على حقوق الجار والاهتمام به، وجعل الإحسان إليه جزءًا من الإيمان والتقوى. يُعتبر الاهتمام بالجار من المبادئ الأساسية التي تعزز من ترابط المجتمع وتؤكد على أهمية التعاون والرحمة بين الناس. في هذا السياق، نستعرض معاني ودلالات الآية الكريمة (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا).

معاني ودلالات الآية الكريمة

الجار ذي القربى

معنى (الْجَارِ ذِي الْقُرْبَى) في الآية الكريمة يحمل عدة معاني:

القرب المعنوي: القريب منك في الدين والعقيدة.
القرب المادي: جارك القريب منك.
القرب الرحمي: جارك الذي بينك وبينه رحم.

في جميع هذه الحالات، أكد القرآن الكريم على حق الجار. فإذا كان جارك مؤمنًا، فله عليك حق الجيرة وحق الإيمان. وإذا كان غير مسلم، فله عليك حق الجار. وإن كان جارك من الرحم، فله حق القرابة وحق الجيرة وربما حق المؤمن.

أهمية الإحسان إلى الجار

الله سبحانه وتعالى يأمرنا بالإحسان إلى الجار، ومن تلك الحقوق:

عدم أذيته والإساءة إليه.
حفظ عرضه وكرامته.
تفقد غيبته وإشباع جوعه.

وكان أئمتنا الأطهار عليهم السلام يتفقدون أحوال المسلمين عمومًا وجوارهم خصوصًا. كما خصص الإمام زين العابدين عليه السلام في رسائل الحقوق رسالة خاصة بحقوق الجار.

الجار الجنب

(الْجَارِ الْجُنُبِ) تشير إلى الجار غير المسلم، وله حق الإحسان والجيرة بالحسنى. أرادت الشريعة الإسلامية نشر ثقافة التسامح بين المسلمين وغيرهم ما لم يحللوا دماء المسلمين ويخرجوهم من ديارهم.

الصاحب بالجنب وابن السبيل

(الصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ) يمكن أن يعني:

الصاحب في العمل أو الدراسة: أراد الله أن تسود بينهم ثقافة الحب والإخاء والمودة والإحسان.
الزوجة: أراد الله أن يكون بين الزوجة وزوجها كامل الإحسان والمودة والحب، حتى تصبح الحياة بينهما مستقرة وسعيدة.

ابن السبيل هو رفيقك بالسفر، والله أراد أن يكون بين الرفقاء بالسفر نوع من التعاون والإحسان وأداء الأمانة، وأن يحفظ كل رفيق رفيقه في ماله وعرضه ونفسه، محذرًا من الخيانة بكل أشكالها.

التكبر والفخر

في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا)، يحذر الله المؤمنين من طبع التكبر حتى لا يخرجوا من محبة الله. والخروج من محبته يعني معاداته لهذا الفرد.

الخاتمة

الآية الكريمة تحث المسلمين على الإحسان إلى الجار، سواء كان قريبًا أو بعيدًا، مسلمًا أو غير مسلم، وتؤكد على أهمية التواضع والابتعاد عن التكبر. علينا أن نلتزم بهذه القيم الإسلامية لنعيش في مجتمع يسوده الحب والإخاء والإحسان.

مواضيع مشابهة

سمو النفوس – 10 – الحقوق الاجتماعية في الإسلام

اجتماعيات