الميزان في عدالة الصحابة – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)
لقد نزلت هذه الآية في مدح جمع من الصحابة الذين بايعوا النبي الأكرم صلة الله عليه وآله في بيعة سميت ببيعة الرضوان، وقد وردت قصة تلك البيعة في كتب كثيرة.
لكن موضوعنا هو حول ما يشاع عن الشيعة أنهم يتناولون صحابة رسول الله صلى الله وآله بالشتم واللعن والطعن، والواقع غير ذلك… فالشيعة لا تنكر فضل كثير من الصحابة في الإسلام، ولكن هل كل من شاهد النبي صلى الله عليه وآله وجلس معه هو صحابي جليل؟
إن كان الأمر هكذا فمن نزلت فيه الآية (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) ومن جاء فيهم الحديث المذكور في الصحيحين عن النبي الأكرم صلى الله وآله أنه قال: (أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، وَلَيُرْفَعَنَّ مَعِي رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ..)؟!!!
فالميزان في عدالة الصحابة ليس مجرد رؤية النبي صلى الله عليه وآله، نعم كونه تشرف برؤية النبي الأكرم صلى الله عليه وآله هو أمر بحد ذاته عظيم، لكن ما فائدة الرؤية إن لم تكن على إيمان واقعي، أو إن تلى هذه الرؤية الإحداث من بعده صلى الله عليه وآله (إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ)
فمن يريد أن يحافظ على صفاء دينه عليه أن يعرف من أين يأخذه، وبالتالي من حق كل مسلم أن يبحث في شخصيات الأصحاب وغيرهم ممن يريد أن يأخذ دينه عنهم، وليس المراد أبداً شتم وسب الأصحاب، فإن الشتم بحد ذاته أمر مستنكر بل محرم.
فما يتهم به الشيعة من شتم للصحابة غير صحيح، فإن كان صحيحاً وأمر موجب للكفر، فمالنا لا نرى أحداً من المسلمين يكفر من سن شتم أمير المؤمنين عليه السلام من على المنابر؟!! ومالنا نرى من مدح قاتل أمير المؤمنين عليه السلام والكثير من المشتركين بقتل سيد الشهداء عليه السلام يعتبرون من الثقاة الذين يؤخذ منهم الحديث؟!!
نعي مصائب أصحاب الإمام الحسين عليه السلام