اختلاف الناس – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وأن إلى ربك المنتهى)
إن اختلاف الناس فيما بينهم أمر طبيعي وثابت وقائم منذ بدء الخليقة، ولو آمن أحدهم بفكرة ما فمن الصعب عليك أن تغير من فكره وتقنعه بفكرتك، ومن النادر أن تجد شخصا يقتنع بفكرة إذا ناقشته وينصاع للدليل مهما كان واضحا قاطعا.
ويروى في اختلاف الناس في الآراء ووجهات النظر قصة تقول بأن رجلا كان يمشي بصحبة ابنه ودابة له فأراد أن يبرهن له على اختلاف الناس واستحالة إرضاء جميع الناس وإقناعهم بما تفكر أو تقوم به، فامتطى وولده ظهر الدابة وشرعت الدابة بالمشي إذ مروا على جماعة فقالوا لهم: ما أقساكم على هذه الدابة المسكينة تمتطونها كليكما، هلا نزل أحدكما عن ظهرها فترتاح؟
فترجل الأب عن الدابة وجعل ابنه على ظهرها واستمروا بالسير إلى أن وصلوا إلى جماعة، وما إن رأوهم على هذه الحال بدؤوا يقولون: عجبا لهذا الصبي أما يستحي وهو يركب ويترك أباه راجلا يمشي على قدميه، أليس لأبيه قدرة على تربيته وتأديبه؟
فنظر الأب إلى ابنه وقال له: هل رأيت ذلك؟ فلنتبادل، انزل من على ظهر الدابة وأنا سأركبها.
واستمروا بمسيرهم حتى إذا مروا بجماعة قال بعضهم: الويل لك يا هذا! كيف تركب وتترك صبيا في هذا العمر يمشي على قدميه وأنت قد اشتد عودك وصلب؟
نظر الأب إلى ابنه نظرة وقال له: أرأيت ما يقوله هؤلاء؟
ثم نزل من على ظهر الدابة وأكملوا المسير سيرا على الأقدام، وإذا بهم يمرون بجماعة فجعل بعض يحدث الآخر: انظر إلى هذه الحماقة، أرأيت أحمق من هذا الرجل وابنه يسحبون دابة بيدهم ولا يمتطونها فيريحوا أقدامهم!
عندها نظر الأب إلى ابنه وقال له: أرأيت يا بني؟ هل عرفت الآن أن إرضاء الناس أمر يستحيل على أحد فعله؟