مسجد ضرار – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين)
عندما دخل النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة بعد هجرته إليها قادما من مكة تعرض نفوذ وسلطان بعض وجوه المدينة وكبارها إلى ضربة قاصمة أخرجتهم عن الساحة بدخول النبي صلى الله عليه وآله حاملا معه رسالة السماء ودين الإسلام.
ومن جملة هؤلاء رجل من الخزرج يدعى أبا عامر الراهب، وأبو عامر الراهب هذا أبى الإيمان بالنبي صلى الله عليه وآله وكان كلما حط النبي صلى الله عليه وآله رحاله في مكان هجر ذلك المكان، فعندما حط النبي صلى الله عليه وآله الرحال في المدينة خرج من المدينة إلى مكة ليلتحق بالمشركين، وعندما فتحت مكة خرج أبو عامر من مكة إلى الطائف، وهكذا دواليك.
فكان من أشد الناس حقدا على النبي صلى الله عليه وآله، وكان يريد القضاء عليه وعلى رسالته السماوية.
فكان أن هاجر إلى الشام حيث الروم، وبعد أن هاجر إلى هناك أرسل إلى جماعة له أن يبنوا له مسجدا ليكون محطة انطلاق يأتي إليها أبو عامر الراهب بصحبة جنود الروم ويقضي على الإسلام.
ولما بنوا هذا المسجد جاء جماعة منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبروه بأنهم في مكان بعيد عنه وأرادوا بناء مسجد قريبا منهم لكي يتفرغوا فيه للعبادة والصلاة لبعد مسافتهم عن مسجد النبي صلى الله عليه وآله، ثم طلبوا منه صلى الله عليه وآله أن يؤمهم في الصلاة في هذا المسجد ليبارك لهم مسجدهم هذا.
عند ذلك نزلت الآية الكريمة التي تأمر النبي صلى الله عليه وآله بعدم الصلاة مطلقا في هذا المكان، بل وأمر بهدمه وجعله مكانا ترمى فيه الأوساخ والقاذورات ليكون ذلك عبرة لمن اعتبر، وليعلم الجميع بأن هذا المسجد هو مسجد ضرار، ومسجد ضرار هو المسجد الذي لم يؤسس على التقوى وعلى الأسس الصحيحة التي يبنى لأجلها المسجد.
إن بناء المسجد ينبغي أن يكون لأهداف ربانية وإلهية خالصة لا أن يكون الهدف من ورائها تمزيق وحدة المسلمين أو تشتيت صفوفهم أو بث الفتن وكل ما من شأنه أن يفرق بين المسلم وأخيه، وهذا ما حدث مع مسجد ضرار ذاك، ولا نزال نرى الكثير من هذا النوع من المساجد اليوم، وإن من يحاسب على ذلك من بنى المسجد بهدف خبيث غير نقي، ولا حرج ولا إثم على الناس البسطاء الذين يرتادونه عن حسن نية وطلبا لرضا الله عبر الصلاة فيه، ولا ناقة لهم ولا جمل في أصل المسجد وبأنه مسجد ضرار.