مكانة الدين وقدسيته – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ)
هناك آراء تقول بأن سورتي الفيل وقريش هما سورة واحدة، وسبب هذا القول ليس لأنها تليها في الترتيب بحسب ترتيب السور في القرآن الكريم إنما بسبب السياق، حيث إنه وفق التفسير: الله تعالى فعل ما فعل بأصحاب الفيل عندما حاولوا الاعتداء على مكة المكرمة ليس فقط دفاعاً عن الكعبة المشرفة بل من أجل بقاء قريش.
وقد ذكر المفسرون عدة روايات عن سبب وقوع حادثة الفيل، منها باختصار أن أبرهة الحبشي اتهم بعض تجار مكة بإحراق معبده فقام بالمقابل بالهجوم على الكعبة المشرفة رداً على إساءتهم لقدسية معبده ودينه.
وقد مضت السيرة البشرية على تعظيم مكانة الدين والمقدسات والمعتقدات الدينية وأماكن العبادة، فلا تجد نزعة عند الكائن البشري أقوى من النزعة الدينية ولا تجد لشيء في نفوسهم مكانة أعظم من مكانة الدين، لذلك نهى الإسلام عن الإساءة إلى المقدسات الدينية لأي دين أو مذهب أو أي مكان من أماكن العبادة لما قد تخلفه من حروب وسفك للدماء ولما قد تتركه من أثر في النفوس تجاه المعتدي.
وعلى هذا فإن التاريخ لن يغفر للمتوكل محاولته القيام بإخفاء قبر سيد الشهداء عليه السلام، إذ لم يكن هدفه من تلك المحاولة محو معالم القبر فحسب، بل كان هدفه إخفاء المعالم والقيم والأهداف التي قام لأجلها الإمام الحسين صلوات الله عليه.
لقد كان لمكة المكرمة المكانة الدينية العظمى في قلب العرب، حيث جرت سيرتهم أنه لم يكن أحد من قطاع الطرق يجرؤ على الاقتراب من تجارة قريش وأموالها لأنهم سكان مكة المكرمة التي كان لها -كما أسلفنا- المكانة الدينية العظيمة عند جميع العرب.
وتعقيباً على تفسير السورة هناك سؤال يطرح حول ماهية رحلة الشتاء والصيف؟:
والجواب على هذا السؤال هو أنه في عهد هاشم بن عبد مناف مرت فترة على قريش عانى خلالها أبناؤها من الفقر الشديد حيث شارفت بعض الأسر على الهلاك، وعندها قام هاشم بن عبد مناف بجمع زعماء قريش، ثم اقترح عليهم أن يجمعوا الأموال من كل أبناء القبيلة وبتلك الأموال يقوم تجار قريش برحلة في الشتاء إلى اليمن ورحلة في الصيف إلى الشام، وكانت أرباح التجارتين توزع بالتساوي على أبناء قريش.
مواضيع مشابهة