أسس العلاقة الزوجية – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
تُعد العلاقة الزوجية من أعظم النعم التي وهبها الله لعباده، حيث وضع أسسًا راسخة في القرآن الكريم لبناء أسرة مستقرة ومتماسكة. تستند هذه الأسس إلى المودة والرحمة، وهو ما يُظهره الله تعالى في آياته الكريمة التي تدعو إلى السكينة والتكافل بين الزوجين. سنتناول في هذا المقال تفسيرات متعددة للآية الكريمة ومفاهيمها التي ترسي دعائم العلاقة الزوجية المثالية.
تفسير الآية الكريمة في سياق العلاقة الزوجية
تشير الآية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
إلى أن الله تعالى خلق الأزواج لتحقيق السكينة والراحة النفسية، ووضع بينهما روابط من المودة والرحمة تضمن التفاهم والتكافل. وقد اختلف المفسرون في توضيح معنى “أَنْفُسِكُمْ”، حيث جاء تفسير بأنه من جنسكم البشري أو خلق لكم أزواجًا تتناغم معكم، بينما يُشير تفسير آخر إلى خلق حواء من ضلع آدم.
الغريزة الزوجية وأهدافها
يُظهر القرآن الكريم أن الله تعالى زرع في نفس كل إنسان غريزة طبيعية تهدف إلى استمرار النوع البشري. وقد استدل بعض الفقهاء على حرمة إقامة العلاقات الزوجية خارج الموضع الطبيعي، مستندين إلى روايات أهل البيت عليهم السلام التي توضح كراهة مثل هذه الأفعال. تُعد العلاقة الزوجية المشروعة وسيلة لاستقرار المجتمع والحفاظ على قيمة الأسرة.
أسس العلاقة الزوجية: المودة والرحمة والسكينة
يهدف الله تعالى من خلق الزوجية إلى تأسيس علاقة يقوم عليها:
السكينة: ليست فقط علاقة عاطفية بل ملاذ للراحة النفسية والجسدية.
المودة: أي الحب الذي ينبع من الاحترام والتفاهم المتبادل.
الرحمة: التي تشمل العطف والحنان بين الزوجين، ما يساهم في تماسك الأسرة واستقرارها.
عدم استناد العلاقة الزوجية إلى هذه الأسس يؤدي إلى تفكك الأسرة وتضيع قيمها الأساسية.
قدوة الأسر المثالية: بيت الزهراء
يُعد بيت الزهراء عليها السلام من أفضل البيوت التي أرساها الله تعالى كمثال يحتذى به في بناء الأسرة الإسلامية. فقد وصف الله تعالى ببيوت يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُهُ، مما يشير إلى مكانة البيت الذي يسوده ذكر الله والسكينة، وهو المثل الأعلى الذي ينبغي لكل أسرة الاقتداء به في تعزيز الروابط الزوجية.
خاتمة
إن العلاقة الزوجية المثالية ليست مجرد رابطة اجتماعية بل هي مؤسسة تُبنى على أسس من الحب والاحترام والسكينة التي وردت في القرآن الكريم. من خلال تعظيم هذه القيم والتركيز على المودة والرحمة، يتمكن الزوجان من بناء أسرة قوية تسهم في استقرار المجتمع الإسلامي ونموه. إن الاقتداء بقدوة مثل بيت الزهراء يعزز من قيم الإخاء والتعاون، ويدعو إلى استشعار عظمة الله في كل تفاصيل الحياة الزوجية.