الإنفاق في سبيل الله تعالى – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)
قال بعض المفسرين إن معنى البر المقصود في هذه الآية هو رضوان الله عز وجل، فإذا نال المرء رضوان الله تعالى فسينال الجنة بإذن الله، فلا يمكن أن ينال أي كائن شيء في الوجود بدون مقابل، والله سبحانه وتعالى جعل أحد أثمان الجنة هو الإنفاق في سبيل الله تعالى.
والإنفاق هنا له عدة مجالات: منها التكافل في محيط الأسرة وهي أن ينفق الإنسان على عياله من زوجة وأولاد وأبوين كبيرين، ومنها التكافل الأسري وهي أن ينفق على أخوته وأقربائه من الفقراء والمحتاجين، ومنها التكافل الاجتماعي أي أن يسعى قدر المستطاع على إعانة الفقراء في محيطه.
والإنفاق في هذه الآية الكريمة لا يقتصر فقط على إنفاق المال، بل يشمل أيضا إنفاق الروح، أي بذل النفس في ميادين الجهاد في سبيل الله تعالى سواء كانت هذه النفس هي روح الباذل أو بذل الأولاد ودفعهم للدفاع عن الدين والأرض والمقدسات.
إن أهل البيت عليهم السلام جسدوا أعظم مصاديق الإنفاق على كافة الصعد، فهذا أمير المؤمنين عليه السلام لم يأكل شيء قط هو وعائله لأيام لأنهم كانوا ينفقون طعامهم علة من يطرق بابهم، حتى نزلت الآية الكريمة: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)
وأما في إنفاقهم لأنفسهم في سبيل الله تعالى، فهذا سيد الشهداء عليه السلام الذي ليس فقط قدم نفسه، بل لم يدع أحد من أهل بيته إلا قدمهم قربان لله تعالى في سبيل تصحيح مسار دين جدهم صلى الله عليه وآله.
مصيبة أم البينين عليها السلام بشهداء الطف.