الإيمان بالرسالات السماوية – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)
إن المشركين في عهد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله ادعوا أن القرآن الكريم -رغم عجزهم عن الإتيان بمثله- لم ينزل من عند الله تعالى بل أنه صلى الله عليه وآله هو من ابتكره وألف آياته، فنزلت الآية الكريمة تمدح ثلة المؤمنين الذين آمنوا بما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله من أحكام أو تشريعات أو علوم فهموا بعضها، أو التي تندرج تحت قوله تعالى: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ).
ومن ثم لا يكفي فقط الإيمان بنبوة الخاتم صلى الله عليه وآله وبالقرآن الكريم، بل لا بد لهم من الإيمان بالرسالات السماوية وبشرائع الأنبياء السابقين وبما أنزل إليهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ).
وهذا دليل على احترام الإسلام لجميع الأنبياء السابقين وجميع الكتب السماوية المنزلة عليهم، ولا يعني نسخ الإسلام للتشريعات السابقة بأنه نفاها أو أنكرها، بل جاء الإسلام لتكون تشريعاته مناسبة لعصره ولجميع العصور بعده إلى يوم القيامة.
المؤمن الحق لا بد له من الإيمان بكل ما ورد في القرآن الكريم حتى وإن كان من الغيبيات، كالإيمان بيوم المعاد والقيامة والجنة والنار، وإن الإيمان بهذه الأمور المذكورة وإن كان غير محسوس لكن العقل يؤكد عليه، فالله سبحانه وتعالى العادل الحكيم لا يمكن أن يرى الظلم والجور من دون أن يكون للظالم حساب، فالدليل العقلي يقتضي تأييدا للدليل النقلي على وجود يوم للحساب وعلى وجود الجنة والنار.
إن الإيمان بالرسالات السماوية هو ما يدعو إليه الإسلام ويؤكد عليه ولا يؤمن أحدنا إلا أن يؤمن بنبوة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى و
مصيبة أمير المؤمنين عليه السلام بفقد مولاتنا السيدة الزهراء عليها السلام.