إحياء الأرض بعد موتها – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين)
إن للقرآن أسلوبا إذا أراد أن ينقل فكرة هامة أو قضية حساسة مفصلية جاء بها على شكل محاورة بين طرفين ضرب للناس مثلا بهما.
وفي هذه الآية الكريمة اتبع القرآن هذا الأسلوب في سبيل إيصال فكرة مهمة وركيزة أساسية من ركائز الدين الإسلامي القويم ألا وهي مسألة الحشر وإحياء الأرض بعد موتها وإعادة الحياة إلى الأرض ومن عليها من بشر وحيوانات وشجر.
وذهب بعض المفسرين إلى أن الآية عامة جاءت بصيغة العموم وتصلح لأن تطلق على كل شاب يحاوره أبواه ويدعوانه للإيمان بالله وبإحياء الأرض بعد موتها وهو كافر بذلك.
إلا أن جماعة كبيرة من المفسرين ذهبوا إلى أن للآية سببا لنزولها وأنها نزلت في أحد الصحابة وهو عبد الرحمن بن أبي بكر شقيق عائشة وأمهما أم رومان. وقد دعا أبو بكر وزوجته أم رومان ابنهما عبد الرحمن إلى الإسلام والدخول فيه لكنه أبى ذلك وخرج محاربا للنبي صلى الله عليه وآله في بدر وأحد إلى أن أسلم بعد ذلك.
وقد استنكر عبد الرحمن بن أبي بكر مسألة الحشر ومسألة إحياء الأرض بعد موتها، وأنى لهذه العظام البالية والأجساد المتحللة أن تعود إلى الحياة بعد مرور الأزمان.
وذكرت في الآية كلمة أف وهي كلمة تضجر وهي أدنى مراتب الرفض، ولذلك ذهب المفسرون إلى أن نهي القرآن عن قول مثل هذه الكلمة للأبوين دليل على تحريم ما هو أعظم منها من باب أولى، فإن كان مجرد قول أف للأبوين والتضجر منهما محرم فكيف بجدالهما والصياح في وجههما أو شتمهما أو ضربهما والعياذ بالله؟
وقد استشهد معاوية بهذه الواقعة عندما أرسل واليه مروان بن الحكم لأخذ البيعة لابنه يزيد، فأنكر عبد الرحمن بن أبي بكر عليه ذلك وقال إن هذا ليس في الإسلام وإنما في ممالك الروم وغيرهم، فلم يكن في الإسلام ولاية عهد حتى جاء معاوية وابتدعها.
فعيره معاوية بهذه الحادثة وبأنه من كان يقول لأبويه أف، فكيف يأتي الآن واعظا ناصحا؟