آيات الله في الكون – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)
كان المشركون في بداية الدعوة إلى الإسلام يسألون النبي صلى الله عليه وآله أن يسأل ربه بأن ينزل عليه آية من ربه، ولم يكونوا يقصدون بذلك آيات الله التدوينية بل التكوينية، فهم لم يكونوا على اعتقاد بصعوبة النص القرآني وآيات الله في القرآن، فكانوا يأتون بأفاكيهم ورواة الحكايات فيقصون عليهم قصص إسفنديار وقصص الفرس وما شاكل ذلك ويدعون أن هذا مثل آيات القرآن الكريم.
وإن هذا الاعتقاد ناشئ من سطحية وضحالة في التفكير وبساطة فيه، فقد كانت تنطلي على بعض من السذج هذه المقولات، ولو أننا في الواقع إلى الآن نعاني من فوضى المقاييس هذه في أمتنا الإسلامية وفي واقعنا المعاصر إلى اليوم، فالتاريخ الإسلامي حافل بأمثلة ونماذج عن الظلم والتخبط في إطلاق الأحكام والمقارنات بين من يحق أن يقال فيهم شتان بين الثرى والثريا، فتجد من يقارن بين الإمام الباقر عليه السلام وآخر لا يحفظ إلا بضعة أحاديث وحياته ملؤها الفسق والفجور وشرب الخمور.
ثم يأتي ويقول هذا إمام وذاك إمام لا فرق بينهما، وهذا سببه ضياع المقاييس، وقد بدأ ذلك منذ رحيل نبي الأمة صلى الله عليه وآله وإضاعة حق أمير المؤمنين عليه السلام بالخلافة التي لم يسع عليه السلام إليها لهدف دنيوي لا سمح الله وإنما كان سعيه إليها بهدف حفظ المقاييس من الضياع والاختلال.
كان المشركون دوما ما يطلبون من النبي صلى الله عليه وآله أن ينزل عليهم من آيات الله التكوينية كأن يفجر لهم من الأرض ينبوعا أو يخرج لهم مما تنبت الأرض أو أن يجعل لهم الصفا والمروة من الذهب كي يأخذوا منها ما يشاؤون وما إلى هنالك من الأفكار التي إن دلت على شيء فإنما تدل على ضيق أفق وفردية ضيقة محدودة لا تفكر سوى بالمنافع المادية ولا تنظر إلى ما وراء ذلك، وهي عقلية البداوة التي كانت تسود المجتمع الجاهلي آنذاك.