سر الاصطفاء الإلهي لسيد الشهداء ع – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
إن الله تعالى أراد في هذه الآية أن يؤكد على عظمة هاؤلاء الذين ذكرهم، بل ذكرت بعض روايات الفريقين أنها تشمل آل محمد عليهم السلام.
فكل من ذكر في هذه الآية إنما هم من ذرية واحدة، الأمر الذي جعلهم يحملون أسمى الصفات الوراثية سواءً من الجانب الأخلاقي أم الخلقي.
ونحن هنا نخص بالذكر آل إبراهيم لما فضلهم الله تعالى على جميع خلقه، وقد يسأل أحدهم، هل كل آل إبراهيم مشمولين بالاصطفاء؟ والجواب هنا: حتما لا، والدليل قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)
أما في قوله تعالى: (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ) ففيه إشارة إلى قانون الوراثة، بحيث أن الولد قد لا يحمل فقط من أبيه الصفات الجسمانية، بل يحمل أيضا الصفات الأخلاقية.
وهذا القانون وإن كان علميا قد اكتشف بشكل أوسع إلا أنه كان موجود في تراثنا، فبعد وفاة السيدة الزهراء عليها السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام لأخيه عقيل وكان نسّابة عارفًا بأخبار العرب ذات يوم: (انظر لي امرأة قد ولدَّتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلامًا فارسًا)،
فقال له: (تزوّج بنت حزام الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها) وفي رواية أخرى : (أخي، أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابيّة، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها)، هذا الزواج المبارك الذي كان نتاجه أربعة من أبطال كربلاء وعلى رأسهم قمر العشيرة أبو الفضل العباس عليه السلام.
بل كان الأشد بركة زواج أمير المؤمنين من ريحانة الرسول صلى الله عليه وآله وما أسمته السماء بزواج النورين الذي أثمر عن سبطي المصطفى صلى الله عليه وآله الإمامان الحسن والحسين وبطلة كربلاء العقيلة زينب عليهم السلام.
لذلك نقرأ في زيارت وارث: (أشْهَدُ أنَّكَ كُنْتَ نُوراً فِي الاَصْلابِ الشّامِخَةِ، وَالاَرْحامِ المُطَهَّرَةِ)