أثر التقوى في قبول الأعمال – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة: 27].
أهمية القصص القرآني
القرآن الكريم يحتوي على العديد من القصص التي لم تُذكر لمجرد السرد، بل لغرض أخذ العبرة والتعلم من أخطاء السابقين.
فالهدف الأساسي من هذه القصص هو أن لا نقع في نفس الأخطاء التي وقع فيها من قبلنا، فالعاقل من يتعظ بغيره، وليس من يكرر نفس الأخطاء.
قصة قابيل وهابيل: صراع بين الإخلاص والهوى
- تقريب القربان واختبار الإخلاص
- قدم كل من قابيل وهابيل قربانًا لله.
- قابيل، الذي كان يعمل في الزراعة، لم يكن مخلصًا في عمله، فقدّم أسوأ ما عنده، كأنه يؤدي واجبًا ثقيلًا بلا روح.
- هابيل، الذي كان يعمل في الرعي، اختار أفضل كبش عنده تقربًا لله.
- النتيجة: قبول القربان مشروط بالتقوى
- أرسل الله نارًا أحرقت قربان قابيل وبقي قربان هابيل، مما يعني أن الله تقبل من هابيل، ولم يتقبل من قابيل.
- غضب قابيل وشعر بالحسد، بدلًا من أن يراجع نفسه ويحسن عمله.
- الجريمة الكبرى: قتل الأخ ظلماً
- لم يتحمل قابيل رؤية نجاح أخيه، فاستسلم للشيطان وقتله.
- هنا يظهر أن عدم التقوى يؤدي إلى الكراهية، ثم إلى الظلم، وأخيرًا إلى الجريمة.
التقوى أساس قبول الأعمال
- يوضح هابيل لقابيل الحقيقة المهمة: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).
- ليس كل عمل يُقبل، بل ما كان خالصًا لله، قائمًا على التقوى.
- التقوى ليست مجرد صلاة وصيام، بل هي إخلاص العمل، العدل، الابتعاد عن الظلم، ونقاء السريرة.
دروس من القصة
- الإخلاص شرط أساسي في قبول الأعمال
- العمل بدون إخلاص لا قيمة له عند الله.
- ليس المهم فقط أن نعبد الله، بل كيف نعبده؟ وهل نخلص له؟
- الحسد يؤدي إلى الفساد والجريمة
- الحسد يعمي القلب ويدفع الإنسان إلى الظلم والعدوان.
- بدلًا من الحسد، يجب أن يسعى الإنسان لتطوير نفسه وتحسين عمله.
- القرآن لا يزيد ولا ينقص في نقله للحقائق
- عندما يروي القرآن قصة، فإنه يرويها بالحق، أي كما وقعت تمامًا.
- على عكس بعض الرواة الذين يضيفون أو يحذفون وفقًا لأهوائهم.
خاتمة: التقوى روح العبادة وأساس القبول
- التقوى ليست مجرد كلمة، بل هي ميزان الأعمال عند الله.
- لا يكفي أن نقدم شيئًا لله، بل يجب أن نقدمه بإخلاص وصدق.
- من أراد القبول عند الله، فليحرص على أن يكون تقيًّا في قوله وفعله، لأن الله لا يقبل إلا من المتقين.