مكانة المرأة بين الإسلام والجاهلية – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
مكانة المرأة بين الإسلام والجاهلية – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
قال تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدَقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾ “النساء: 4”
تؤكد هذه الآية على حق المرأة في مهرها الذي هو ملك خاص لها، لا يحق لغيرها التصرف فيه إلّا بإرادتها الصريحة.
حالة المرأة في الجاهلية
الاعتبار كعارٍ: كانت الأنثى عارًا، فبعض القبائل يئد بناتها حيَّةً.
المهر المسلوب: إن وافق الأهل على زواج ابنتهم، كان الأب يأخذ كل مهرها دون أعطائها شيء، أو يمنحها جسدًا ناقلًا دون ثمنٍ لائق.
غياب الحقوق: لا ميراث، ولا دخل مالي، ولا رأي في شؤونها.
المهر: حق شرعي لا دين للرجال
الآية تبيّن أن المهر “نحلة”، أي هبةٌ تُعطى للزوجة دون مقابل أو عوض من الزوج.
ليس عوضًا للبضع: ذهب بعض الجاهلين إلى أن المهر مقابل الفراش، بينما الشرع أقرّ أن لزوجته حقوقًا كاملة، بما في ذلك التلذذ المتبادل، فلا يختص به الرجل وحده.
لا يصح اعتباره دينًا يردّه الزوج، بل ملكٌ خالص للمرأة، وإن رضيت أن تتنازل عنه جُوِّزَ لها.
تحريم التشاغر وإقرار المهر
زواج التشاغر: كان رجلان يتبادلان أخواتهما مهرًا، ولم يكن فيه نقود أو هبة، فأبطله الإسلام بأن اشترط مهرًا حقيقيًّا.
شرط صحة العقد:
لا يصح عقد الزواج بدونه.
وإن غفل العقد عن ذكره، يقع مِهرُ المثل، وهو ما تعطاه النساء من مثيل أهلهن الاجتماعية.
رفض تسلط الرجل على مالها
القرآن يردع من يمد يده إلى مال المرأة: فهو الرجل الذي يقع على عاتقه الإنفاق: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفَضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ﴾ “الطلاق: 6”
قضية الميثاق الغليظ (الأرحام)، فأين منطق أخذ مالٍ من أُمٍ حُرم عنقه بالألم لمجرّد إنجابه؟
رفعُ مكانة المرأة وإلغاءُ الظُلم
نفي الإيداع الفقهي: الروايات التي تقلل حقها في التصرف بمالها أو تُشبهها بالحيوان لا تُستند إلى الكتاب ولا تُرجحها الأدلة الصريحة.
تكريمها كإنسانٍ كامل: أُعطيت حق الإرث، والتصرف في مالها، والمُشاركة الفعلية في المجتمع.
الحماية من الظلم: تحريم قتل البنات، واعتبار المهر حقًا لا يُنتزع، ووضع قواعد واضحة للعلاقات الزوجية.
خلاصة:
أحيت الشريعة الإسلامية مكانة المرأة التي كانت في الحضيض، فأعطتها مهرًا لا ينازعها فيه أحد، وأكّدت استقلاليتها المالية والشخصية ضمن إطار التكامل الأسري. فجعل مهرها نحلةً هديةً لها، لا دينًا عليها، ورفعت عنها وصمة العار التي رافقتها في الجاهلية.
فمن تبنّى روح القرآن، عطّرُ عقلَهُ وفِكرهُ بالعدل، وكرّم المرأة بما أكرمها به ربُّ العزّة.