قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: المنبر العميد
آخر برامج من: الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

اليقين بوعد الله – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله

قال تعالى: (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)

هذه الآية تُعد من أعظم آيات القسم في القرآن، وفيها من القوة والتأكيد ما لا يدع مجالًا للشك، حتى قال بعض المفسرين: ما في القرآن آية أقسم الله بها بمثل هذا الأسلوب القاطع.

 

تفسير الآية الكريمة:

أولًا: أسلوب القسم العظيم

الآية تبدأ بقوله تعالى: (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)

لاحظ أن الله لم يقل: “فأقسم برب السماء والأرض” بل قال: “فَوَرَبِّ”، وهذا أسلوب توكيد يُفهم منه أنك أمام مسألة كبرى، وكأن الله عز وجل يقول: “يا عبادي، لا تمروا على هذا الأمر مرور الكرام، هذا أمر بحجم الكون كله، ورب السماء والأرض بنفسه يشهد عليه.”

فلما يقسم رب العزة، فاعرف أن الأمر ما هو هيّن، هذا مش قَسَم رجل، هذا قَسَم خالق الوجود كله!

ثانيًا: “إِنَّهُ لَحَقٌّ” – ما هو هذا الحق؟

الآية تأتي في ختام سياق يتحدث عن الرزق والقدر الإلهي: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ)

ثم: (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ)

أي أن ما أخبركم الله به من رزقكم المضمون، ووعده لكم بالجزاء والآخرة والنصر والحق، كل هذا حق لا شك فيه، وأكده الله بهذا القسم الجليل.

في تفسير الميزان، يشرح العلامة الطباطبائي أن هذا الحق يشمل أمور العقيدة كلها، من التوحيد، إلى النبوة، إلى المعاد، لأن الله قال: “وما توعدون” وهو وعد شامل لكل ما جاء به الدين.

ثالثًا: (مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) – تشبيه محسوس بالمحسوس

وهنا نحب أن نقف على هذه الجزئية؛ لأن فيها عبقرية بيانية.

الله عز وجل يشبه يقين هذه الحقيقة بـيقينك بأنك تتكلم!

أنت الآن تقرأ أو تنطق، هل عندك شك أنك تنطق؟! أبدًا. فكما أن نطقك أمر لا شك فيه بالنسبة لك، فكذلك وعد الله، حق لا شك فيه.

هذا أبلغ تشبيه للقطع والجزم؛ لأن الإنسان قد يشك في أي شيء إلا في حالته الآنية، وهي أنه يتكلم أو يسمع أو يرى.

فالله جلّ وعلا استخدم أوضح شيء في إدراكك الحسي ليجعل منه دليلاً على صدق وعده.

 

خاتمة تربوية وأخلاقية

على المؤمن أن يعلم، أن الله سبحانه يقول له: أنا ضامن رزقك، ضامن وعدي لك، ضامن الحق، ضامن النصر، ضامن الجزاء، وضمانتي هي بقدر ما أنت متأكد من وجودك.

وإيمانك بالله لا يفترض أن يكون بالكلام فقط، بل يجب أن يكون على يقين راسخ وكما أنك لا تشك بأنك موجود، فلا تشك في صدق وعد الله، ورزقه، وعدله، ويومه الذي يوعد.”

مواضع مشابهة

أدب الانتظار – 84- اليقين بالوعد الإلهي

كيف أتهيأ لعصر الظهور؟!..