أساليب التعامل مع المنافقين – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ)
كان للمنافقين وجود في المجتمع الإسلامي ولا يزال، ولذا كان لا بد من وضع قوانين لكيفية التعامل مع هذه الفئة من المجتمع التي تظهر الإسلام وتبطن الكفر.
وقد كانوا في صدر الإسلام يشكلون شريحة كبيرة من المجتمع الإسلامي، وكان لهم أسرهم وعوائلهم، وقد يحدث أن يكون الأب منافقا والابن على منهج الإسلام أو عكس ذلك.
ولذلك كان لا بد من وضع طريقة وأساليب في التعامل مع المنافقين.
وقد نزلت آية كريمة في عبد الله بن أبي بن سلول حينما مات وهي (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم)، وقد كان يسمى برأس المنافقين، وعندما توفي جاء ابنه فسأله النبي صلى الله عليه وآله عن اسمه فقال بأنه حباب، فكره النبي صلى الله عليه وآله ذلك الاسم وطلب منه تغيير اسمه لأنه اسم من أسماء الشيطان، فجعل اسمه عبد الله.
وقد ذكر بعض المفسرين رواية في سبب نزولها بأن النبي صلى الله عليه وآله أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي بن سلول، فجاءه عمر بن الخطاب فقال له: يا رسول الله، أتصلي على منافق؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وآله بأن الله خيره بين أن يستغفر لهم أو لا يستغفر، فقال له عمر: ولكن الله قال إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله بأنه يزيد على السبعين، فنزلت الآية المباركة.
وهذه الرواية باطلة مردودة لوجوه منها أن نزول هذه الآية كان في غزوة تبوك التي جرت في سنة ثمان للهجرة، وكانت وفاة عبد الله بن أبي بن سلول في السنة التاسعة للهجرة، أي بعد الغزوة بأكثر من سنة.
كما أن النبي صلى الله عليه وآله هو أفصح الناس وأكثرهم علما بقواعد اللغة وخفاياه، فكيف يخفى عليه معنى واضح لأبسط عارف بكلام العرب، فكلمة أو المذكورة ليست للتخيير وإنما هي للتسوية، فكأن الآية تقول للنبي صلى الله عليه وآله: سواء صليت عليهم أو استغفرت لهم أم لم تفعل ذلك فإن الله لن يغفر لهم.
والأكثر إثارة للسخرية هو الاحتجاج بالاستغفار لأكثر من سبعين مرة، رغم أن مثل هذا التعبير بسبعين مرة في كلام العرب من المعروف أنه ليس تعبيرا على وجه الدقة وإنما يفيد التأبيد، بمعنى أنه مهما استغفر لهم فلن يغفر الله لهم.