حرمة بيت الله – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)
إن لفظة البيت مشتقة من المبيت وهو المكان التي يبات فيه الإنسان، ومرة تاتي كلمة بيت بمعنى العائلة أو الأسرة أو العشيرة، فعندما نقول هذا الرجل من بيت فلان أي من هذه الأسرة أو العائلة أو العشيرة، والبيت الحرام رغم أن الإنسان لا يبات فيه ولا يصح إطلاقه على المعنى الأسري لكن لعله أطلق هذا اللفظ عليه بإعتباره أنه المكان الذي تأوي إليه قلوم المؤمنين.
إن الجعل يقسم إلى جعل تكويني وجعل تشريعي، والله تعالى بالآية يقول: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ) فهل هذا الجعل تكويني أو تشريعي؟ لعل الجعل هنا جعل تشريعي، فالله أراد منا أن نأتي إلى البيت الحرام حجاجاً ومعتمرين وندب لنا الحج المستحب إيضاً حتى تبقى قلوبنا متعلقة بهذا المكان، فعن أبی عبدالله عليه السلام قال: (من خرج من مکة وهو لایرید العود إلیها فقد اقترب أجله ودنا عذابه).
وفي خلاف بين العلماء والمحققين عن تاريخ وجود الكعبة ومن بناها، فقال بعضهم أن إبراهيم عليه السلام بناها مع ولده إسماعيل وأنها بينت أول مرة في عهدهما، وبعضهم قال أنها كانت موجودة منذ دحو الأرض وأنه ذهب أثرها بعد طوفان نوح حتى أعاد إبراهيم الخليل بنائها مع ولده.
وإن الله جعل لهذا البيت حرمة فلا يقتل طيرها ولا حيوانها فضلاً عن الآدمي فيها، حتى من عليه قصاص أو حد فلا يؤخذ وهو فيها، إنما يضيق عليه حتى يسلم نفسه، إلا من قتل أحد فيها أو اعتدى على حرمتها يجوز أخذه حتى لو كان متعلقاً بستار الكعبة.
إن المقصود من هذه الآية (وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) هو ركعتي الطواف الواجبتين، وتصلى في مقام إبراهيم عليه السلام، والله تعالى فرض هاتين الركعتين وفاءً لنبي الله إبراهيم عليه السلام لأنه خدم دينه وأخلص له وبنى له بيتاً لم ينقطع الطواف فيه ولن ينقظع منذ أن بني إلى ما شاء الله.
نعي بشر للإمام الحسين في المدينة المنورة