أجر العمل الصالح – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)
الله تعالى يمدح الذين يعملون الصالحات، لكن ما هو العمل الصالح؟ هل العمل الصالح هو صالح بذاته فلذلك أمر الله به؟ أم لم يكن صالحا من قبل ولكن عندما أمر الله به أصبح صالحا؟
هنا وقع نزاع بين العدلية (المعتزلة والإمامية) والأشاعرة، فنحن الإمامية نرى أن العمل الصالح هو بذاته صالح ولذلك أمر الله تعالى به، أما الأشاعرة قالوا أن العمل لا يوصف بالقبح أو الحسن إلا إذا قبحه الشارع أو حسنه، فالصدق والأمانة وغير ذلك من الأفعال الحسنة لم تكن حسنة لو لم يأمر بها الشارع.
وقوله تعالى (مِنَ الصَّالِحَاتَ) جاءت للتبعيض أي من يعمل بعض الصالحات، فالإنسان لا تتسع قدرته للقيام بجميع الصالحات، لذلك قبل الله منه القليل، وإنما أمر الله تعالى بفعل الصالحات لأن الإنسان لا يقبل إلى ربه بأموال جمعها وذرية أنجبها، بل يقبل إلى ربه بعمله الصالح وعلى أساسه يدخل الجنة.
وقد ساوى الله تعالى بين أجر الذكر وأجر الأنثى في الآخرة، وهنا وقع الخلاف في أنه هل المرأة إذا خرجت إلى ميدان العمل -على فرض حاجتها للعمل- فهل يكون أجرها مساويا لأجر الذكر أم أن الذكر أجره أعلى بحجة أن قدرة الرجل على الإنتاج أكبر من قدرة المرأة؟
إن الإسلام في العمل يعتمد على القدرة الإنتاجية، فباعتبار أن الرجل أقدر على الإنتاج فأجره أعلى، فإذا لم يكفها أجرها لسد حاجاتها اليومية يسد لها بيت المال بقية احتياجاتها.
وقد ربط الله تعالى العمل الصالح بالإيمان لأن شرط دخول الجنة التي وعد بها المحسنون هو الإيمان، فلو أنه مثلا قام واحد من غير المؤمنين بعمل صالح فهل الله تعالى لا يؤتيه أجره؟!.. هنا جاءت الآية بالجواب: (وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) فرغم كون صاحب العمل الصالح غير مؤمن وغير مستحق للجنة إلا أن الله تعالى يؤتيه أجره في الدنيا إما بطول العمر أو وفرة المال أو الصحة وغير ذلك من النعم الدنيوية.
نعي مصيبة دخول حرائر الحسين عليه السلام على يزيد