وما علمناه الشعر – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ)
نزلت هذه الآية للرد على المشركين الذين جذبهم القرآن بسحر كلماته وعمق معانية، ولكنهم لشدة عنادهم وليصدوا الناس عن اتباعه اتبعوا منهج التشكيك فيه وبأنه منزل من عند الله تعالى، فلذك اتهموا النبي صلى الله عليه وآله بأنه شاعر وأن القرآن ما هو إلإ شعر من تأليفه.
وأما ما قصده القرآن من هذه الآية فقد اختلف المفسرين في معناه، فمنهم من قال أن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يحسن قراءة الشعر وأنه ليس لديه أدنى علم بالقوافي الشعرية، وهذا الكلام غير مقبول لأنه من المفرض أن النبي وصل إلى أعلى درجات الكمال البشري، وجهله بشيئء هو نقص في شخصيته، ولكن معنى الآية أنه صلى الله عليه وآله يقدر عليه ولكن لم يمارسه، ولم تسمع عنه قريش حتى قبل الإسلام أي بيت شعر سواء كان من تأليفه أو أنه قرأ شعر لأحد الشعراء.
ولكن القرآن رغم أنه نفى عن النبي صل الله عليه وآله تأليف الشعر وقراءته إلا أنه لم يحط من مكانة الشعر، وذلك لأن أحد طرق تفسير القرآن هو معاني الشعر الجاهلي، لأنه في اللغة العربية عدة كلمات لها لفظ واحد ولكن تحمل معاني مشتركة، فعندما يصتدم المفسر في ما هو المقصود من الكلمة التي احتار في معناها يلجأ إلى المعنى الذي ذهب إليه الشعراء الجاهليون.
وإن الشعراء لهم مكانتهم عند أغلب المجتمعات البشرية، وذلك لأن الشعر له طاقته الكامنه، فإذا وضع في مكانه الصحيح كان له الآثر الإيجابي على مستمعيه، فالعرب قديما عندما ينزل أحد أبطالهم لساحة المعركة كان يرتجز أبياتاً من الشعر لبث الحماس في نفسه وفي عشيرته وكذلك لبث الرعب في قلوب الخصوم.
نعي مصيبة علي الأكبر عليه السلام