في رحاب أبي الشهداء الإمام الحسين عليه السلام – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
ولد الإمام الحسين عليه السلام ليل الجمعة في الثالث من شهر شعبان في العام الثالث للهجرة على المشهور، وهناك أقوال أخرى في ولادته لا تتفاوت مع الرواية المشهورة فقيل إنه ولد في الرابع أو الخامس من شهر شعبان، لكن الأقوى أن ولادته كانت في الثالث من شعبان.
ولم تكن ولادة الإمام الحسين عليه السلام ولادة عادية، فقد صاحبها إرهاصات عديدة، ومن تلك الإرهاصات عندما كانت أمه فاطمة الزهراء عليها السلام حاملا به كان أبوها رسول الله صلى الله عليه وآله يبشرها بولادته تارة وأخرى ترتسم على ملامحه علامات الحزن والغم، فكانت تسأله ابنته الزهراء عليها السلام عن سبب ذلك فكان يخبرها بأن فرحه هو بسبب تهنئة الله له بولده الذي سيولد له، أما حزنه وألمه فهو لأنه كان يخبره في ذات الوقت بأن أمته ستقتله.
وقد ولد الإمام الحسين عليه السلام لستة أشهر في بطن أمه، فكان ممن ولدوا خلال هذه المدة وهي أقل الحمل كما يقول تعالى في محكم كتابه (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا). وقد ذكر التاريخ لنا أن نبي الله يحيى بن زكريا عليهما السلام ولد لستة أشهر.
وإن أقل الحمل عند المرأة ستة أشهر وأقصاه عشرة أشهر لا يتعداها. والعجيب أن هناك من الفقهاء من يتحدث عن فترات حمل غير واقعية كسنة وسنتين بل وأوصلوها إلى أربع وعشر سنوات بل وعشرين سنة! والحال إن هذا الأمر غير ممكن علميا أو طبيا، ولم نجد أي حالة في التاريخ البشري تتحدث عن ولادة لامرأة بهذا الشكل.
هناك بعض الظواهر الطبية النادرة التي تحدث في بعض الأحيان وهي مثبتة علميا كولادة عدة توائم مثلا وقد حدث ذلك بشكل نادر، لكننا لم نسمع أبدا بحالة ولدت فيها امرأة بعد سنة أو أكثر.
وكانت أم الفضل قد رأت في عالم الرؤيا حلما لم ترد أن تقصه حينما جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لأنها كانت تستعظمه، لكن رسول الله صلى الله عليه وآله طمأنها فقصت عليه رؤياها فقالت إنها رأت وكأنما قطعة من رسول الله صلى الله عليه وآله تسقط في حجرها، فهدأها النبي صلى الله عليه وآله وأخبرها بأنها ستكون مرضعة لولده الإمام الحسين عليه السلام، وأم الفضل هي زوجة العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله.
وبالفعل عند ولادة الإمام الحسين عليه السلام مرت على أمه الزهراء عليها السلام فترة من الفترات جف فيه لبنها، فاضطرت لأن تعطيه لأم الفضل لترضعه، فبات الإمام الحسين عليه السلام أخ الفضل بن العباس بالرضاعة.
وكان النبي صلى الله عليه وآله هو من سمى الإمام الحسين عليه السلام، وكان صلى الله عليه وآله ينهى عن عادة العرب في الجاهلية حيث كانوا يسمون أولادهم بأسماء وحشية وسيئة لأنه كانوا يعتبرون أولادهم للأعداء وذلك لإخافتهم على عكس عبيدهم الذين كانوا يسمونهم بأسماء لطيفة محببة لأن العبيد ملك لهم.
والسبب في ذلك هو أن حياتهم كانت كلها قائمة على القتل والقتال والحروب والغزو وقطع الطرق وما شاكل ذلك، ولم يكن الرجل يعتبر نفسه رجلا إن لم يشارك في مثل هذه الأمور، وكانوا يحتقرون من يأكل من مهنة يمتهنها لأنهوا كانوا يعدون العزة في الحرب والقتال.
ويقول بعضهم أن تسمية الله للملكين منكر ونكير اللذين يأتيان إلى قبر الميت هو من هذا الباب، أي لدب الرعب والرهبة في قلب السامع والميت.
فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وعمد إلى تغيير هذه السنة السيئة وأمر المسلمين بالتسمية بالأسماء المحببة والجميلة، وكان عندما يأتيه شخص بتلك الأسماء القبيحة يأمره بتغيير اسمه.
ويشنع بعض ممن يتمسكون بحرفية الكلام على بعض ممن يسمون بأسماء كعبد النبي أو عبد الحسين أو عبد الزهراء وما إلى ذلك معتبرين ذلك كفرا وشركا بالله سبحانه، والحال أنهم لم يعوا حقيقة هذه الأسماء والدافع إلى التسمية بها، فليس المقصود طبعا من ذلك عبادة ذلك الشخص كالنبي صلى الله عليه وآله أو الإمام الحسين أو السيدة الزهراء عليهما السلام أو غيرهما، وإنما المقصود تبجيلهم وتوقيرهم لمكانتهم ومنزلتهم عند الله، وإلا فنحن نعتقد اعتقادا راسخا بالله ونوحده ونعتبر الإمام الحسين وغيره عبادا لله، لكن هناك من يتمسك بالحرفية الزائدة عن اللزوم التي لن تفضي إلى نتيجة.