التخلف عن القتال – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
(لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ)
إن هذه الآية الكريمة من آيات الفقه الجهادي، فالرسول صلى الله عليه وآله بعد الهجرة عمل على التعبئة الجهادية للمسلمين، وذلك لأن الدعوة الإسلامية حينها واجهت الأخطار من عدة جهات كان هدفها القضاء على الإسلام.
وكانت تعبئة النبي صلى الله عليه وآله للمسلمين تعبئة عقائدية أكثر من كونها تعبئة عسكرية وبدنية، فالإنسان إن كان يمتلك سلاحاً ولا يمتلك عقيدةً فلن يقوى على القتال، فالعقيدة القتالية هي الهدف الذي يرسمه المقاتل بين عينية ليسعى في سبيله إلى النصر.
وكان الإسلام قد جرم التخلف عن القتال وعن الفرار من الزحف، لأن من يتخلف عن القتال إنما يعطي للمشركين فرصة للانقضاض على الإسلام أو عل الأقل هو يضعف سواد المسلمين أمام أعدائهم، ولكن الآية استثنت من المتخلفين عن القتال عدة أصناف وهم الذين تم ذكرهم في الآية.
وهذه الأصناف هي: الضعفاء سواء كانوا الكبار في السن أو حتى من هم في سن الشباب ولكن بنيته الجسدية ضعيفة ولا تساعده على القتال، وكذلك المريض الذي لا يقوى على القتال، وقسم آخر وهم الذين لا يقدرون على شراء السلاح والدرع ولا يملكون قوت يومهم حتى يدعوا لعيالهم نفقة تعينهم على قضاء حوائجهم أثناء غياب أراب أأاالالللارؤأألببلأسرهم.
ولكن في المقابل أولائك المعفون من القتال والذهاب لساحات النزال ليسوا معفيين من أمور قد تنفع المسلمين في ميادين أخرى، منها أن يكونوا عيوناً للمسلمين على الكافرين يترقبون حركاتهم، أو يحمون النساء والأطفال من ميل الأعداء عليهم وغير ذلك من الأمور.
ولكن في المقابل كان هناك نماذج من الذين أعفاهم الله من القتال إلا أنهم أصروا على الخروج مع النبي صلى الله عليه وآله، ومن هاؤلاء رجل أعرج اسمه عمرو بن الجموح كان له بنون أربعة يشهدون مع النبي صلى الله عليه وآله المشاهد ، وأراد قومه أن يحبسوه عن القتال، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن قومي يريدون أن يحبسوني هذا الوجه، والخروج معك، والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال له: أما أنت فقد عذرك الله ولا جهاد عليك، فأبى، فقال النبي صلى الله عليه وآله لقومه: (لا عليكم أن لا تمنعوه)