هل المرأة مهمشة في الإسلام؟ – د. الشيخ أحمد الوائلي رحمه الله
يكثر الحديث في العصر الحديث عن حقوق المرأة في الإسلام، حيث يروّج البعض لفكرة أن الإسلام همّش المرأة ولم يعطها مكانتها. لكن عند النظر بموضوعية إلى النصوص القرآنية والسيرة الإسلامية، نجد أن الإسلام منح المرأة حقوقًا واضحة وأرسى لها مكانة مميزة، بينما المجتمعات الأخرى، حتى في العصر الحديث، ما زالت تعاني من استغلال المرأة بأشكال مختلفة.
وضع المرأة في الغرب مقارنة بالإسلام:
في القرون الوسطى كانت المرأة في المجتمعات الغربية تعامل كسلعة تباع وتشترى، بلا كيان ولا هوية مستقلة. أما اليوم، ورغم الشعارات المرفوعة عن المساواة وحرية المرأة، إلا أنها ما زالت تُستغل جسديًا، وغالبًا ما تكون العلاقة بينها وبين الرجل خارج إطار الشرع أو مؤسسة الأسرة. والنتيجة أن الأطفال الناتجين عن هذه العلاقات يعيشون في ضياع، وتنتهي حياة كثير من النساء في عزلة داخل دور رعاية المسنين بلا حنان ولا روابط أسرية.
في المقابل، وضع الإسلام للمرأة أسسًا تحفظ كرامتها، وتربط وجودها بالأسرة، وتجعل العلاقة بينها وبين الرجل قائمة على الاحترام والمسؤولية المتبادلة.
تفسير الآية: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ):
الآية الكريمة تؤكد أن للمرأة حقوقًا كما عليها واجبات، وهو مبدأ الموازنة الذي يقوم عليه التشريع الإسلامي.
حق الطلاق مثلًا ليس مطلقًا للرجل، بل مقيد بشروط وضوابط تمنع الاستهتار، حيث حرص الإسلام على بقاء الأسرة ما أمكن. كما أن للمرأة الحق أن تجعل لنفسها وكالة بالطلاق عند العقد، مما يتيح لها الحفاظ على كرامتها في حالات خاصة.
قضية الميراث التي تُثار كمطعن، هي في حقيقتها نظام عادل ينسجم مع البنية الأسرية. فالمرأة في الإسلام ليست مسؤولة عن النفقة، بينما الرجل مُلزم بها، لذلك قُسّم الميراث بما يتناسب مع الأعباء والواجبات. أما ما يخص عدم إرث الزوجة من الأرض عند الإمامية، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه تشريع يهدف لحماية استقرار ملكية العائلة ومنع دخول الغرباء في عقارها.
المرأة في نهضة كربلاء:
لو لم تكن للمرأة مكانة عظيمة في الإسلام، لما عهد الإمام الحسين عليه السلام بمهمة قيادة الوعي بعد كربلاء إلى السيدة زينب عليها السلام. فقد حملت مسؤولية:
حفظ إمام زمانها الإمام زين العابدين عليه السلام.
رعاية عيال الحسين عليه السلام بعد الفاجعة.
تبليغ رسالة النهضة الحسينية للعالم، فكانت بصوتها الجريء وحكمتها البالغة سببًا في بقاء ثورة الحسين حيّة إلى يومنا هذا.
وهذا الدور التاريخي يؤكد أن الإسلام لا يهمش المرأة، بل يرفعها إلى أعلى المقامات الروحية والاجتماعية متى ما التزمت برسالتها.
خلاصة الكلام:
الإسلام لم يهمل المرأة ولم يهمشها، بل أعطاها حقوقها كاملة في ضوء مسؤولياتها، وجعلها شريكة في صناعة الحضارة وحمل الرسالة. أما دعوات الغرب للمساواة فهي مجرد شعارات، إذ تُستغل المرأة هناك كوسيلة استهلاكية بلا كرامة ولا أسرة حقيقية. وقد جسدت السيدة زينب عليها السلام النموذج الأسمى لمكانة المرأة في الإسلام، فهي التي حملت مشعل الثورة الحسينية وخلدت رسالة كربلاء في وجدان الأمة.