حكم ذبائح أهل الكتاب – السيد صباح شبر
تتناول هذه الحلقة الرواية التي وردت عن الإمام الصادق عليه السلام في مسألة ذبائح أهل الكتاب، وما أظهرته من دقّة في بيان الأحكام الإلهية. كما تُبيّن المنهج الذي اعتمده الأئمة عليهم السلام في ضبط الحلال والحرام في الأطعمة، وكيفية الجمع بين ظاهر القرآن والروايات الواردة عنهم، مع الإشارة إلى شروط الذبح الشرعي وأثر التسمية فيه.
نص الروايات:
عن شعيب العقرقوفي قال:
كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ومعنا أبو بصير وأناس من أهل الجبل يسألونه عن ذبائح أهل الكتاب، فقال لهم أبو عبد الله عليه السلام:
قد سمعتم ما قال الله عز وجل في كتابه،
فقالوا له: نحب أن تخبرنا أنت.
فقال: لا تأكلوها
قال: فلما خرجنا من عنده، قال لي أبو بصير: كلها، فقد سمعته وأباه جميعًا يأمران بأكلها.
فرجعنا إليه، فقال لي أبو بصير: سله.
فقلت: جعلت فداك، ما تقول في ذبائح أهل الكتاب؟
فقال: أليس قد شهدتنا اليوم بالغداة وسمعت؟
قلت: بلى.
قال: لا تأكلها.
فقال لي أبو بصير: كلها وهو في عنقي.
ثم قال: سله ثانية.
فسألته فقال لي مثل مقالته الأولى: لا تأكلها.
فقال لي أبو بصير: سله ثالثة.
فقلت: لا أسأله بعد مرتين.
تهذيب الأحكام – الشيخ الطوسي – ج 9 – ص 66
الأسئلة المطروحة في الحلقة:
في أصل الحكم الشرعي: ما هو الحكم الشرعي لأكل ذبائح أهل الكتاب في فقه أهل البيت عليهم السلام؟ كيف نفهم قول الإمام الصادق عليه السلام «لا تأكلوها» في مقابل قول أبي بصير «كلها»؟ هل يدل تكرار الإمام عليه السلام للنهي على تأكيد التحريم أم على خصوصية المورد؟
في شروط الذبيحة الحلال: ما هي الشروط التي يجب توفرها في الذبيحة لتكون حلالًا؟ هل يكفي مجرد التسمية على الذبيحة، أم يشترط الإسلام والإيمان في الذابح؟ كيف تؤثر طريقة الذبح والنية في الحكم الشرعي؟
في التوفيق بين النصوص: كيف نوفق بين قول الله تعالى: «طَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ» وبين روايات التحريم؟ هل المقصود من «الطعام» في الآية هو كل المأكولات أم غير الذبائح فقط؟ ما هي الحكمة التي يراها أهل البيت عليهم السلام وراء هذا التحريم؟
تكشف هذه الرواية عمق فقه أهل البيت عليهم السلام في تمييز حدود الحلال والحرام، وتدلّ على أن الورع في الطعام من علامات التقوى والإيمان. فليس كل ما يظهر حلالًا في الظاهر يكون كذلك في الحقيقة، إذ لا يُدرك حكم الله إلا من طريق أوصيائه الذين ورثوا علم النبوة.

