شفاعة السيدة الزهراء (ع) يوم القيامة – سماحة الشيخ حسين كوراني رحمه الله
هناك منهجية مهمة يجب أن نتعامل من خلاله مع روايت الحشر والقيامة وسنقف عند بعض هذه الروايات التي سنتناولها في بحثنا هذا
يجب التنويه إلى أن الأصل والأساس في يوم القيامة هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنيها
إن الإمام الحسين عليه السلام هو الذي أحيا به الله رسالات الأنبياء جميعا
هناك رواية نقلها الشيخ الصدوق عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يُمَثَّلُ لِفَاطِمَةَ رَأْسُ اَلْحُسَيْنِ مُتَشَحِّطاً بِدَمِهِ فَتَصِيحُ وَا وَلَدَاهْ وَا ثَمَرَةَ فُؤَادَاهْ فَتَصِيحُ اَلْمَلاَئِكَةُ لِصَيْحَةِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ..)
عندها يقول الله سبحانه سأنتقم لكي من قاتليه وأتباعهم وشيعتهم كما في الرواية: (فَيَقُولُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَفْعَلُ بِهِ وَ لِشِيعَتِهِ وَ أَحِبَّائِهِ وَ أَتْبَاعِهِ ) وشفاعة السيدة الزهراء موضوع بارز في هذه الروايات
وفي تكملة الرواية :(وَ إِنَّ فَاطِمَةَ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ اَلْجَنَّةِ مُدَبَّجَةَ الجبينين [اَلْجَنْبَيْنِ] وَاضِحَةَ اَلْخَدَّيْنِ شَهْلاَءَ اَلْعَيْنَيْنِ رَأْسُهَا مِنَ اَلذَّهَبِ اَلْمُصَفَّى وَ أَعْنَاقُهَا مِنَ اَلْمِسْكِ وَ اَلْعَنْبَرِ خِطَامُهَا مِنَ اَلزَّبَرْجَدِ اَلْأَخْضَرِ رَحَائِلُهَا مُفَضَّضَةٌ بِالْجَوْهَرِ عَلَى اَلنَّاقَةِ هَوْدَجٌ غِشَاوَتُهُ مِنْ نُورِ اَللَّهِ وَ حَشْوُهَا مِنْ رَحْمَةِ اَللَّهِ خِطَامُهَا فَرْسَخٌ مِنْ فَرَاسِخِ اَلدُّنْيَا يَحُفُّ بِهَوْدَجِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ بِالتَّسْبِيحِ وَ اَلتَّمْجِيدِ وَ اَلتَّهْلِيلِ وَ اَلتَّكْبِيرِ وَ اَلثَّنَاءِ عَلَى رَبِّ اَلْعَالَمِينَ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ اَلْعَرْشِ يَا أَهْلَ اَلْقِيَامَةِ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ فَهَذِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اَللَّهِ تَمُرُّ عَلَى اَلصِّرَاطِ فَتَمُرُّ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ وَ شِيعَتُهَا عَلَى اَلصِّرَاطِ كَالْبَرْقِ اَلْخَاطِفِ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ يُلْقَى أَعْدَاؤُهَا وَ أَعْدَاءُ ذُرِّيَّتِهَا فِي جَهَنَّمَ)
وليكن القارئ على علم أن خصوصيات تلك العوالم تختلف كل الاختلاف عن عالمنا هذا فالمركبات هناك لا تشبه شيئا من مراكبنا حتى تلك المتطورة منها، فهناك الأعمال إنما هي تجلي لما قد عمله الإنسان وكسبه في هذه الدنيا ولا يتعجب كذلك من شفاعة السيدة الزهراء سلام الله عليها فهي من العظمة بمكان لم يكن لها كفؤ آدم فمن دونه
رواية جليلة ينقلها لنا السيد هادي الميلاني وهو من علمائنا الأجلاء وهي :(قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ بُطْنَانِ اَلْعَرْشِ يَا مَعْشَرَ اَلْخَلاَئِقِ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ بِنْتُ حَبِيبِ اَللَّهِ إِلَى قَصْرِهَا
فَتَأْتِي فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ اِبْنَتِي عَلَيْهَا رَيْطَتَانِ خَضْرَاوَانِ حَوَالَيْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ حَوْرَاءَ فَإِذَا بَلَغَتْ إِلَى بَابِ قَصْرِهَا وَجَدَتِ اَلْحَسَنَ قَائِماً وَ اَلْحُسَيْنَ نَائِماً مَقْطُوعَ اَلرَّأْسِ فَتَقُولُ لِلْحَسَنِ مَنْ هَذَا فَيَقُولُ هَذَا أَخِي إِنَّ أُمَّةَ أَبِيكِ قَتَلُوهُ وَ قَطَعُوا رَأْسَهُ..
فَيَأْتِيهَا اَلنِّدَاءُ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ يَا بِنْتَ حَبِيبِ اَللَّهِ إِنِّي إِنَّمَا أَرَيْتُكِ مَا فَعَلَتْ بِهِ أُمَّةُ أَبِيكِ إِنِّي اِدَّخَرْتُ لَكِ عِنْدِي تَعْزِيَةً بِمُصِيبَتِكِ فِيهِ إِنِّي جَعَلْتُ تَعْزِيَةَ اَلْيَوْمِ أَنِّي لاَ أَنْظُرُ فِي مُحَاسَبَةِ اَلْعِبَادِ حَتَّى تَدْخُلِي اَلْجَنَّةَ أَنْتِ وَ ذُرِّيَّتُكِ وَ شِيعَتُكِ وَ مَنْ أَوْلاَكُمْ مَعْرُوفاً مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مِنْ شِيعَتِكِ قَبْلَ أَنْ أَنْظُرَ فِي مُحَاسَبَةِ اَلْعِبَادِ…
فَتَدْخُلُ فَاطِمَةُ اِبْنَتِي اَلْجَنَّةَ وَ ذُرِّيَّتُهَا وَ شِيعَتُهَا وَ مَنْ أَوْلاَهَا مَعْرُوفاً مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ شِيعَتِهَا فَهُوَ قَوْلُ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لاٰ يَحْزُنُهُمُ اَلْفَزَعُ اَلْأَكْبَرُ قَالَ هَوْلُ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ هُمْ فِي مَا اِشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خٰالِدُونَ هِيَ وَ اَللَّهِ فَاطِمَةُ وَ ذُرِّيَّتُهَا وَ شِيعَتُهَا وَ مَنْ أَوْلاَهُمْ مَعْرُوفاً وَ لَيْسَ هُوَ مِنْ شِيعَتِهَا)
إنما يختلف درجات الناس يوم القيامة بقدر قربهم وأخذهم عن الزهراء في أمور العقيدة والأخلاق فلذك ترى أن الله سبحانه لا يتفرغ للعباد حتى يرى من أمرها ما يرى فتنال شفاعة السيدة الزهراء سلام الله عليها كل من اعتصم بها
وعندنا رواية عن النبي صلى الله عليه وآله يخاطب الزهراء سلام الله عليه ويحدثها بما سيحصل في يوم القيامة منها:(..ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تَحْتِ اَلْعَرْشِ يُسْمِعُ اَلْخَلاَئِقَ غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَجُوزَ فَاطِمَةُ اَلصِّدِّيقَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَ مَنْ مَعَهَا فَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْكِ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اَلرَّحْمَنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ وَ سَلاَمُهُ عَلَيْهِ وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ..)
ويبدو أن هناك خصوصية في من يستطيع أن ينظر إليها سلام الله عليها ويدل ذلك على عظمة السيدة الزهراء سلام الله عليها إذ أنه لا يتأتى لكل أحد ثم أن ينظر إليها بل هم عظماء من أعظم ما خلق الله سبحانه
وفي نفس الرواية أيضا:(ثُمَّ يُنْصَبُ لَكِ مِنْبَرٌ مِنَ اَلنُّورِ فِيهِ سَبْعُ مَرَاقِيَ بَيْنَ اَلْمِرْقَاةِ إِلَى اَلْمِرْقَاةِ صُفُوفُ اَلْمَلاَئِكَةِ بِأَيْدِيهِمْ أَلْوِيَةُ اَلنُّورِ وَ يَصْطَفُّ اَلْحُورُ اَلْعِينُ عَنْ يَمِينِ اَلْمِنْبَرِ وَ عَنْ يَسَارِهِ وَ أَقْرَبُ اَلنِّسَاءِ مَعَكِ عَنْ يَسَارِكِ حَوَّاءُ وَ آسِيَةُ)
وهذا احتفال عظيم في عالم الوجود لا يمكن تصوره في عالمنا هذا بل إنما تأتي هذه الروايات على سبيل التمثيل كما يحدثنا الله سبحانه عن الجنة فيقول مثل الجنة أي أن عقولنا محدودة في هذه الدنيا فلا تنال الأوهام تلك العوامل العظيمة والحوادث الجليلة التي تحدث ثم.
وإن يوم القيامة يرى الناس من شفاعة السيدة الزهراء سلام الله عليها ما يودون لو أنهم كانوا فاطميين في الدنيا.