أهم التعقيبات – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
ذكر الشهيد الأول رضوان الله عليه في كتابه الرسالة النفلية أهم تعقيبات الصلوات وحصرها بأربعين تعقيبا وهي رسالة حول صلاة النافلة بعد أن ألف كتابه الألفية ويتحدث عن حدود الصلاة الواجبة.
ثم جاء من بعده الشهيد الثاني رضوان الله عليه ليعلق ويشرح هذا الكتاب فسمى كتابه الفوائد الملية في شرح الرسالة النفلية، ويعد هذا الجهد المشترك الذي قدمه لنا الشهيدان الأول والثاني عملا وافيا مكتمل الأركان حول موضوع مهم في تزكية النفس وتهذيبها ألا وهو التعقيبات، وهي ما يجب أن يبحث فيه ويخوض فيه الباحثون.
وقد أثرى الشهيد الثاني في شرحه لكتاب الشهيد الأول البحث عبر إضافته للروايات الشريفة الواردة في التعقيبات بعد أن كان الشهيد الأول قد أشار إليها تحريا للإيجاز.
وقد عرف التعقيب في الكتاب بأنه الاشتغال بعد الصلاة بدعاء أو ذكر أو ما أشبه ذلك، وهو من المستحبات المؤكدة بعد الصلاة التي لا ينبغي لمؤمن تركها.
وقد وردت العديد من الروايات عن النبي وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين حول فضل التعقيب وبأن من عقب فكأنه لم يخرج من الصلاة وما أشبه ذلك.
وتقول رواية بأن الدعاء بعد الفريضة أفضل من النافلة.
كما يتأكد استحباب التعقيب بعد صلوات الصبح والعصر والمغرب خصوصا.
وإن التعقيب هو من موجبات سعة الرزق وزيادة الرزق.
ولا ينبغي أن يكون التعقيب مجرد لقلقة لسان بل يجب أن يكون مصحوبا بحضور القلب وخشوع وتفكر وتدبر، ولو سهى الإنسان لبرهة ولكن لا أن يبقى شارد الذهن طوال التعقيب.
وذكر الشهيد الأول عشرة شروط لكمال التعقيب منها أن لا يأتي بمناف من منافيات الصلاة وأن يبقى ملازما لمصلاه خصوصا بعد صلاة الصبح، حيث ورد أن من بقي في مصلاه بعد صلاة الصبح حتى طلوع الشمس كان له من الأجر كحاج رسول الله صلى الله عليه وآله.
ولا ينحصر التعقيب بذكر معين، فقد وردت أذكار كثيرة لا تحصى في التعقيب، وقد أورد الشيخ الطوسي في كتابه مصباح المتهجد نحو اثنتين وثلاثين صفحة في تعقيبات صلاة الصبح فقط.
فلا مجال إذن للإتيان بجميع التعقيبات، لكن لا بأس للمرء أن يختار منها ما يناسب حاله ووقته، ولكن عليه أن لا يتركها كلها تماما بل يدمن على شيء وجيز منها ويعزم على عدم تركها.