الإمام الهادي عليه السلام وأعمال شهر رجب – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
يروى أن شخصا من موالي الإمام الحسن العسكري عليه السلام كان في السجن، وكان المتوكل العباسي يهدده بالقتل، وجرى الحديث مع المتوكل ليطلق سراحه لكنه حلف أن يقتله، فحاولوا أن يجمعوا له بعض الأموال كفدية لإطلاق سراحه لكنه لم يكن يملك شيئا.
فأمره الإمام الهادي عليه السلام بكتابة هذه القصة، وهي رقعة الاستغاثة للخلاص من السجن، فكتبها ليلا في ثلاث رقاع وأخفاها في ثلاثة أماكن فما كان إلا عند انبساط الشمس حتى فرج الله عز وجل عنه بمنه ولطفه، وهذه من بركات الإمام الهادي عليه السلام.
وقد نقل المجلسي في بحار الأنوار عن كتاب البلد الأمين للكفعمي نص ذلك الدعاء للخلاص من السجن.
وكان الإمام الهادي عليه السلام من عادته أنه إذا مرض يبعث أحدا إلى الحائر الحسيني إلى قبر الإمام الحسين عليه السلام بكربلاء، فصدف أنه مرض ذات يوم فأرسل إلى بعض أصحابه ليذهب إلى الحير أو الحائر الحسيني ليدعو له بالشفاء.
وفي الطريق يرى أحد أصحاب الإمام شخصا يدعى علي بن بلال فيستغرب من مجيئه ليدعو للإمام الهادي عليه السلام في الحائر ويقول له كيف يطلب منك أن تدعو له بالحائر وهو الحائر؟!
وعندما عاد إلى الإمام الهادي عليه السلام أخبره بما قاله له علي بن بلال، فقال له الإمام الهادي عليه السلام: ألا قلت له إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يطوف بالبيت ويقبل الحجر وحرمة النبي والمؤمن أعظم من حرمة البيت ، وأمره الله عز وجل أن يقف بعرفة وإنما هي مواطن يحب الله أن يذكر فيها فأنا أحب أن يدعى الله لي حيث يحب الله أن يدعى فيه.
فالدعاء تحت قبة الحسين عليه السلام له من الفضل الكبير والأثر العظيم ما لا يخفى على أحد، وهنيئا لمن وفقه الله لقضاء الساعات في الدعاء تحت قبة الحائر الحسيني.
وكان عبد العظيم الحسني من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام، وله قبر معروف بالري جنوب طهران يؤمه الشيعة.
وقد جاء يوما رجل إلى الإمام الهادي عليه السلام فقال له: يا حماد إذا أشكل عليك شيء من أمر دينك بناحيتك فسل عنه عبد العظيم بن عبد الله الحسني وأقرئه مني السلام.
ومن هذه الرواية تتضح لنا مكانة عبد العظيم الحسني ومقامه ومنزلته عند أهل البيت عليهم السلام.
وبما أن ولادة الإمام الهادي عليه السلام هي في أول شهر رجب فلا بأس بذكر شيء من أعمال رجب وهو من الأشهر الحرم، وهو من أعظم الشهور وأفضلها.
ومن أهم هذه الأعمال أعمال ليلة الرغائب وهي أول ليل جمعة من رجب، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام هي: عمل الرغائب وصلاة الرغائب وليلة الرغائب.
عمل الرغائب هو صوم الخميس وإن لم يتمكن من ذلك فيمكنه التصدق أو الإتيان بالذكر أو كلاهما معا.
والصلاة هي اثنتا عشرة ركعة تفصيلها مذكور في كتب الأدعية، وأفضل وقت لأداء صلاة ليلة الرغائب هو بين صلاتي المغرب والعشاء، ويمكن أداؤها بعد العشاء بشرط أن لا يخرج من الربع الأول من الليل.
ولا إحياء في ليلة الرغائب. ولأن الملائكة تجتمع في هذه الليلة فيستحب الدعاء للملائكة في هذه الليلة، ومن هذه الأدعية الدعاء الأول في الصحيفة السجادية.
ويجدر التنويه إلى أن صلاة ليلة الرغائب لم تنقل بسند ثابت عن المعصومين عليهم السلام، لذا ينبغي الإتيان بها برجاء المطلوبية وعدم تشريعها كمستحب، ولكن ينبغي عدم التفريط بثواب الإتيان بها كما قال غير واحد من علمائنا الأعلام.
وأفضل الأعمال في شهر رجب هو العزم على العودة إلى التوبة وترك الذنوب، وما أفضل أن يتحلى الإنسان بالصمت وقلة الكلام في هذا الشهر لأن اللسان مفتاح لكثير من الذنوب والآثام، فينبغي أن نعتني بحرمة هذا الشهر الحرام وما يليه من الشهرين العظيمين شعبان وشهر رمضان.
ما أحوجنا إلى إصلاح أنفسنا في هذه الأشهر الثلاثة ونعزم على البقاء على ذلك طيلة حياتنا، وما أفضلها من فرصة أفسحها الله لنا لكي نعود إليه ونتقرب، فلا فائدة من كثرة تلاوة القرآن وكثرة الاستغفار دون الإقلاع عن الذنوب والمعاصي التي نداوم على فعلها، فمنا من يؤذي زوجته ومنا من يستغيب أو ينشغل بالحديث عن الناس. فليشغل كل منا نفسه في هذا الشهر بالصمت وبما هو نافع من القول.