وصايا الرسول ص – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
قال تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)
إن من أعظم الأمور التي حمل رسول الله صلى الله عليه وآله همها هي موضوع الخلافة من بعده، لما فيها من أثر في حفظ الدين والشريعة من عبث العابثين، لذلك كان يؤكد من اليوم الذي جمع به عشريته الأقربين وبلغهم الرسالة إلى لحظة شهادته على خلافة وصيه أمير المؤمنين علي عليه السلام.
لذلك وجب على المسلمين أجمع معرفة كل ما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وآله من أحداث في أيامه الأخيرة وبالأخص ما حصل في ما يعرف برزية الخميس، وما هو موقفه ساعة احتضارة عندما علم أن أحداً غير علي عليه السلام تصدى لصلاة الجماعة.
وعلى المؤمنين توضيح تلك الأحداث بعيداً عن الإساءة لأحد وعن إثارة النعرات المذهبية، والهدف من معرفة تلك الأحداث هو أن كل مسلم سيسأل يوم القيامة عن موقفه مما جرى مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما جرى بعده، لأن ذلك مرتبط ارتباطاً كاملاً بحفظ التوحيد الذي بدأ رسول الله صلى الله عليه وآله دعوته.
إن من أهم وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله كانت عندما ثقل رسول الله صلی الله عليه و اله جمع كل محتلم من بني عبد المطلب وامرأة وصبي قد عقل، فجمعهم جميعا فلم يدخل معهم غيرهم إلا الزبير فإنما أدخله لمكان صفية، وعمر بن أبي سلمة وأسامة بن زيد. ثم قال: (إن هؤلاء الثلاثة منا أهل البيت)، وقال: (أسامة مولانا ومنا).
وقد كان رسول الله صلی الله عليه وآله استعمله على جيش وعقد له وفي ذلك الجيش أبو بكر وعمر، فقال كل واحد منهما: (لا ينتهي يستعمل علينا هذا الصبي العبد) فاستأذن رسول الله صلی الله عليه و اله ليودعه ويسلم عليه، فوافق ذلك اجتماع بني هاشم فدخل معهم واستأذن أبو بكر وعمر أسامة ليسلما على النبي صلی الله عليه و اله فأذن لهما.
فلما دخل أسامة معنا – وهو من أوسط بني هاشم وكان صلی الله عليه و اله شديد الحب له – قال رسول الله صلی الله عليه و اله لنسائه: (قمن عني فأخلينني وأهل بيتي). فقمن كلهن غير عائشة وحفصة فنظر إليهما رسول الله صلی الله عليه وآله وقال: (أخلياني وأهل بيتي). فقامت عائشة آخذة بيد حفصة وهي تدمر غضبا وتقول: (قد أخليناك وإياهم) فدخلتا بيتا من خشب.
فقال رسول الله صلی الله عليه و اله لعلي عليه السلام: (يا أخي، أقعدني)، فأقعده علي عليه السلام وأسنده إلى نحره، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا بني عبد المطلب، اتقوا الله وأعبدوه، وأعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ولا تختلفوا. إن الإسلام بني على خمسة: على الولاية والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج. فأما الولاية فلله ولرسوله وللمؤمنين الذين يؤتون الزكاة وهم راكعون، (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).
قال ابن عباس: وجاء سلمان والمقداد وأبو ذر، فأذن لهم رسول الله صلی الله عليه و اله مع بني عبد المطلب.
فقال سلمان: يا رسول الله، للمؤمنين عامة أو خاصة لبعضهم؟ قال: بل خاصة لبعضهم، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه في غير آية من القرآن.
قال: من هم يا رسول الله؟ قال: أولهم وأفضلهم وخيرهم أخي هذا علي بن أبي طالب – ووضع يده على رأس علي عليه السلام – ثم ابني هذا من بعده – ثم وضع يده على رأس الحسن عليه السلام – ثم ابني هذا – ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام – من بعده، والأوصياء تسعة من ولد الحسين عليه السلام واحد بعد واحد، حبل الله المتين وعروته الوثقى.
هم حجة الله على خلقه وشهدائه في أرضه. من أطاعهم فقد أطاع الله وأطاعني، ومن عصاهم فقد عصى الله وعصاني، هم مع الكتاب والكتاب معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى يردا علي الحوض.
مواضيع مشابهة
المنبر العميد – 466 – آداب التعامل مع النبي صلى الله عليه وآله