التزكية هدف البعثة النبوية الشريفة – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
هناك عدة مباحث بحثت وتبحث في موضوع البعثة النبوية الشريفة، وكثير منها إن لم يكن الأكثر هي مباحث فكرية تتعلق بأصل مسألة المبعث من الناحية التاريخية والعقائدية وإلى ما هنالك، وهي مباحث مهمة، ولكنها على أهميتها إلا أنها لا ترقى إلى أهمية هذا النوع من المباحث الذي سنخوض فيه وهو مبحث عملي، وهو بمعنى تطبيق هذا الأمر في حياتنا وأخلاقنا وأعمالنا، فما فائدة التعرف على تاريخ بعثة النبي صلى الله عليه وآله وأحداثها وملابساتها إن لم نجن من ورائها الثمرة المرجوة التي من أجلها بعث النبي صلى الله عليه وآله؟
ومن أهم المباحث العملية في موضوع البعثة النبوية الشريفة مسألة التزكية، وهي على رأس أهداف البعثة النبوية، وهي تدخل في دائرة مكارم الأخلاق، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وإنما هنا أداة تفيد الحصر، وهذا يدل على أن بعثة النبي صلى الله عليه وآله كانت لتتميم مكارم الأخلاق لا غير.
وعلى رأس مكارم الأخلاق الصبر، وهو أساس وعمود من أعمدة مكارم الأخلاق، وبدونه لا يمكن الوصول إلى معالي الأخلاق ومكارمها.
يقول تعالى في سورة البقرة على لسان النبي إبراهيم عليه السلام: (ربنا وابعث فيهم رسولا يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم).
وقال في سورة آل عمران: (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).
وفي سورة الجمعة قال تعالى في آية مشابهة: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).
والتزكية هي الحالة النفسية والأعمال التي توجب الفلاح، وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها).
والتدسية ضد التزكية، وهي بمعنى تقذير النفس، بينما التزكية هي تنقية النفس وتطهيرها من أدران الذنوب والمعاصي والآثام وخلافها.