حقيقة التعقيب – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
ما هي حقيقة التعقيب؟
ذكر الشيخ البهائي قدس سره في كتابه الحبل المتين أنه لم يجد أحدا من العلماء تطرق إلى مسألة حقيقة التعقيب وكيفية التعقيب بعد الصلاة، لذا أفرد بحثا خاصا بهذا الموضوع استنادا إلى الروايات الواردة حيث جمعها وخرج ببحث واف شاف حول حقيقة التعقيب.
وفسر اللغويون التعقيب في اللغة بأنه الجلوس بعد الصلاة لدعاء أو مسألة، ولازم ذلك أن يكون التعقيب من جلوس وليس من وقوف أو اضطجاع وغيرهما، كما لا يشمل قراءة القرآن الكريم كنوع من التعقيب.
وقد قال بعض الفقهاء في حقيقة التعقيب بأنه الاشتغال عقب الصلاة بدعاء أو ذكر أو ما أشبه ذلك. ولم يذكر الفقهاء لزوم الجلوس، كما لم يذكروا المقصود بعبارة ما أشبه ذلك، فيمكن أن يشمل التعقيب مثلا التفكر في خلق الله وآلائه ونعمائه، أو قراءة القرآن كتعقيب للصلاة.
ويوافق الشيخ البهائي عليه الرحمة والرضوان على ذلك رغم عدم وروده في نصوص الروايات الواردة في حقيقة التعقيب.
وقد أشارت الروايات إلى الجلوس بعد الصلاة للتعقيب لكنها لا تدل على لزوم الجلوس حتما كشرط من شروط التعقيب بل يجوز الوقوف أو الاضطجاع مثلا ويجري عليه اسم التعقيب.
كما يقول الشيخ البهائي بعد استعراضه لعدد من الروايات والآراء الواردة إن عدم مفارقة مكان التعقيب الذي ذكره بعض الفقهاء ليس شرطا من شروط التعقيب وإنما مستحب من مستحباته.
كما وردت رواية في أن من بقي على طهارة بعد إتمام صلاته فله أجر المعقب، لكن الشيخ البهائي يقول في تفسير ذلك بأن الرواية تدل على الحصول على ثواب المعقب لا أنه يصدق عليه أنه قام بالتعقيب.
لكن الشيخ البهائي اشترط أمرا في صحة التعقيب وهو أن لا يترك فاصلا كبيرا بين الصلاة والتعقيب، فلو ذهب وبعد مدة طويلة أراد أن يعقب لم يجر معنى التعقيب على عمله وإن كان مثابا.
كما أن التعقيب يجري بعد صلوات الفرائض والنوافل على حد سواء ولا تخصيص للتعقيب بأحدهما.
إذن من مستحبات التعقيب أن يبقى على هيئة الصلاة والتشهد كما أكد العلماء، إضافة إلى التورك وهو الاتكاء على الفخذ الأيسر ووضع باطن القدم اليسرى على ظاهر القدم اليمنى، إضافة إلى استقبال القبلة والبقاء على الطهارة وعدم مفارقة مكان الصلاة.