جهاد النفس: إعادة نظر – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
ينبغي علينا أن نعيد النظر جميعا في جهادنا لأنفسنا لأننا بعد كل تلك السنين التي مرت من أعمارنا يجد الواحد منا أن عمره يمضي بسرعة وهو يدعي أنه يجاهد نفسه لكنه لو نظر إلى نفسه نظرة فاحصة دقيقة لما رأى من جهاد النفس هذا شيئا، فكل تلك الجرائم التي يقترفها يوما بعد يوم وتتراكم على قلبه فتجعل قلبه أسود لا تمت لجهاد النفس بصلة.
إن جهاد النفس والرضا عن النفس أمران لا يجتمعان رغم أننا نجد أن كثيرا منا أدمن هذه الحالة ولا يكاد يفرق بين هذه وتلك، فمن يدعي أنه يجاهد نفسه لكنه في نفس الوقت لا يجد الخشوع في صلاته فليعلم بأنه لم يصل إلى مجاهدة نفسه بعد وأمامه طريق طويل عليه أن يقطعه قبل أن يصل إلى مبتغاه ومراده.
إن الطريق إلى مجاهدة النفس طريق صعبة شاقة طويلة لا يقدر أي شخص خوض غمارها، ففيها من الوعورة ما يجعلها طريقا صعبة المراس.
وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لرجل يدعى مجاشع دخل عليه سائلا إياه عن الوسيلة للوصول إلى الحق ومعرفته وموافقته والأنس به، فذكر له عدة أمور كلها ترتبط بمجاهدة النفس، ومجاهدة النفس تعني عدم إرضائها والوقوف بوجهها ووجه طلباتها وإسخاطها وتهذيبها حتى تصل إلى الشكل المطلوب.
إن الدمعة التي تذرف حزنا على مصاب سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام هي من مصاديق الآية الكريمة (وابتغوا إليه الوسيلة)، فهي من أقصر الطرق وأكثرها اختصارا للوصول إلى جهاد النفس الذي نبتغي الوصول إليه.
وإن من جاهد نفسه فهو قادر بتوفيق من الله ونصر منه على أن يجيب عما يسأل عنه يوم يقف الجميع بين يدي من لا يظلم عنده أحد مثقال ذرة، فأين نحن بأنفسنا الملوثة بالذنوب من تلك الحالة الروحانية الجميلة؟