آثار العناد – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
إن الله تعالى يقول: (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)، فإن العزة بالإثم هو من أعظم الأمور التي تبعد الفرد عن الله تعالى وعن رحمة، فمن باب أولى أن تبعد الفرد عن الصلاة أصلاً فضلا عن الخشوع فيها.
فإن الإيمان بالله تعالى قد يجتمع في فرد قد يقع في المعصية، لكنه لا يجتمع أبداً مع إنسان عنده إصرار في البقاء على تلك المعصية، لأن الإصرار على المعصية هو عين العناد، والمعاند إذا أمره أحد بتقوى الله تعالى ستأخذه العزة بالإثم.
وإن العناد إذا استقر في نفس بني آدم فإنه لا يمكن أن ينفك عنه حتى لو قرب أجله وعلم به، بل إن المعاند حتى لو علم يقيناً بمصيره الآخروي فلا تراه إلا معانداً للحق، ولو أن الله ارجعه للحياة ليصلح نفسه كما قال تعالى: (إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا…) لعاد إلى عناده (بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)، ولذلك أخلد الله المعاندين في نار جهنم أبداً.
فالمؤمن يجب أن يبقى ملتفتاً إلى نفسه إن كان بها شيء من العناد، فهذا العناد إذا بقي في النفس بدون رادع أو تهذيب فنتيجته ليس فقط بقاء في النفس، بل إنها ستنمو وتكبر حتى تصل إلى الحد الذي يجعل المرء (إِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ)، وهذا أيضاً هو قوله تعالى: (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
وعلاج العناد يكون أولا بتجديد التوبة مع الله تعالى ابتداءً وبعد كل معصية وكلما ذكر معاصية، ومن ثم الإكثار من الاستغفار، والأهم هو أن يتبرأ الإنسان من حوله وقوته، ويضعف قوة الأنا في نفسه، ويضعف بذرة التكبر فيها حتى يصل لمرحلة التسليم لله عز وجل، (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا).