المعاندة والتمسك بالرأي – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
إن المعاندة والعناد والتمسك بالرأي وباء خطير ينبغي على المجتمع المؤمن الالتفات إليه أكثر وتوجيه الاهتمام إليه نظرا لقلة الاهتمام والانتباه إلى هذه الآفة الخطيرة التي ورد في الحديث أنها شعبة من شعب الكفر والنفاق.
وقد ورد في دعاء كميل بن زياد عليه الرحمة في أحد مقاطعه قول أمير المؤمنين عليه السلام (فباليقين أقطع لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك وقضيت به من إخلاد معانديك لجعلت النار كلها بردا وسلاما وما كان لأحد فيها مقرا ولا مقاما لكنك تقدست أسماؤك أقسمت أن تملأها من الكافرين من الجنة والناس أجمعين وأن تخلد فيها المعاندين).
ومن المعلوم أن العناد والتمسك بالرأي صفة خطيرة من أبرز آثارها أنها تسلب الخشوع من النفس في الصلاة خصوصا وغيرها من العبادات، كما أنها تودي بصاحبها إلى الهلاك.
وقد اقترن لفظ العناد والمعاندة في القرآن الكريم بلفظ الجبار ولفظ الكفار في غير موضع، كما في قوله تعالى (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) و(تلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد).
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى قبح هذه الصفة وشدة شناعتها وإلقائها لصاحبها في المهالك.
إن التجبر هو فرض سلطة على شخص ما بأي مستوى، فمن يتسلط على ابنه بمستوى ما فهو يتجبر عليه، ومن يتسلط على امرأته فهو كذلك متجبر.
فالجبار إذن ليس منحصرا بفئة الطغاة والحكام الظلمة وما أكثرهم على مر التاريخ، بل قد يكون كل منا يحمل في قلبه صفة التجبر والطغيان والتسلط.
والعناد والتمسك بالرأي وباء شائع ومنتشر بشكل عجيب، ومن الغريب أن لا ننتبه إلى مدى قبحه وسوئه وهو ينتشر كالنار في الهشيم، ويتأصل ويتجذر في النفس الإنسانية بشكل سريع وشديد لا يمكن معه السيطرة عليه بهذه السهولة.
وتكمن خطورة المعاندة في أنها توصل صاحبها إلى الكفر وتسلب من قلبه الإيمان، ومن لم يستطع السيطرة على هذه الآفة وهذه الخلية السرطانية ستنتشر كانتشار الخلايا السرطانية في الجسم وحينها سيكون قد فات الأوان.