الخوف من الله – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
الخوف من الله هو أحد المفاهيم الأساسية في الإسلام، وله مكانة خاصة في الفكر الشيعي، حيث يُنظر إليه من منظور أخلاقي وعرفاني. في هذا السياق، يُعتبر الخوف من الله وسيلة لتحقيق التقوى والارتقاء الروحي.
الخوف كدافع للطاعة:
وهو دافعًا قويًا للطاعة والابتعاد عن المعاصي. يقول الإمام علي (عليه السلام): “خف الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك”. هذا الخوف ليس خوفًا من العقاب فقط، بل هو خوف من فقدان رضا الله والابتعاد عن رحمته.
الخوف كوسيلة للتزكية:
في الفكر العرفاني، يُعتبر الخوف من الله وسيلة لتزكية النفس وتطهيرها من الشوائب. يقول الإمام الصادق (عليه السلام): “المؤمن بين مخافتين: ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه، وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك، فهو لا يصبح إلا خائفًا ولا يصلحه إلا الخوف”. هذا الخوف يساعد المؤمن على مراجعة نفسه باستمرار والسعي لتحسين أخلاقه وأفعاله.
الخوف كحافز للمعرفة:
وهو في الفكر العرفاني حافزًا للمعرفة والبحث عن الحقيقة. يقول النبي محمد (صلى الله عليه وآله): “من كان بالله أعرف كان من الله أخوف”. فكلما زادت معرفة الإنسان بالله، زاد خوفه منه، وهذا الخوف يدفعه للسعي نحو المزيد من المعرفة والارتقاء الروحي.
الخوف كوسيلة للتواضع:
وهو وسيلة للتواضع والابتعاد عن الغرور. يقول الإمام علي (عليه السلام): “ثمرة التواضع المحبة”. فالخوف من الله يجعل الإنسان يدرك ضعفه وحاجته المستمرة إلى رحمة الله وعفوه، مما يجعله أكثر تواضعًا في تعامله مع الآخرين.
الخوف من الله في الأخلاق العرفانية
في الأخلاق العرفانية، يُعتبر الخوف من الله جزءًا من رحلة السالك نحو الله. هذه الرحلة تتطلب من السالك أن يكون دائمًا في حالة من الوعي واليقظة الروحية، وأن يسعى لتحقيق الكمال الأخلاقي والروحي. وهذا الخوف في هذا السياق ليس خوفًا سلبيًا، بل هو خوف إيجابي يدفع الإنسان نحو المزيد من الطاعة والتقوى.
الخاتمة
الخوف من الله في الفكر الشيعي العرفاني هو مفهوم عميق ومعقد، يجمع بين الطاعة والتزكية والمعرفة والتواضع. هذا الخوف ليس مجرد شعور بالرهبة، بل هو دافع قوي لتحقيق الكمال الروحي والأخلاقي، والسعي نحو رضا الله والابتعاد عن معاصيه.