قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: آداب الصلاة
آخر برامج من: الشيخ حسين الكوراني (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

تبعات قلة شكر الله تعالى – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله

إذا أراد الإنسان أن يعرف موقعه عند الله فليتأمل في مدى شكره لنِعم الله عز وجل، لأنّ الشكر بوابة الرضا، ومفتاح الاستزادة. وإذا رأيت إنسانًا مُبتلى بالضيق والتسخّط وعدم التوفيق، فاعلم أنّه – في الغالب – ممن قلّ شكرهم لله عز وجل، أو جهلوا حقيقة الشكر.

ضرورة شكر الله تعالى على نعمه

الله سبحانه وتعالى يُحب من عباده أن يعترفوا بجميل عطائه، لا لأنّه بحاجة إلى ذلك، حاشاه، بل لأنّ الشكر يطهّر القلب من الغرور، ويزيد في النعمة. كما قال في محكم كتابه:

{لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (إبراهيم:7)

فمن ظنّ أن الشكر هو التلفظ بعبارة «الحمد لله» فحسب، فقد غفل عن حقيقة ما يريده الله من عبده، فالشكر موقف وسلوك، وليس مجرد كلمات.

عاقبة الكفر بالنعمة في القرآن الكريم

حين يغفل الإنسان عن النعمة، فإنها تُسلب منه ولو بعد حين. يقول تعالى:

{وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا… فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} (النحل:112)

القرآن لا يعرض قصة للتأمل فقط، بل يُنذرنا من تبعات جحود النعمة. فلا تستقر نعمةٌ في بيتٍ أو قلبٍ يجهل فضلها.

كيف نصبح من الشاكرين لله عز وجل؟

أن تكون شاكرًا حقًّا لا يعني أن تقول: “شكراً يا رب” فحسب، بل أن تُطابق جوارحك وفعالك هذا الشكر.

الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: “كان من دعاء أبي جعفر (عليه السلام): اللهم اجعلني من أهل الشكر لك، وأهل الذكر لك، وأهل الطاعة لك.”

المرء يصبح من الشاكرين إذا:

  1. عرف نعم الله عليه، ولم يعتبرها “أموراً عادية”.
  2. رأى في كلّ خيرٍ وصحةٍ وعلمٍ بابًا لعبوديةٍ أعمق.
  3. استعمل النعمة في طاعة الله لا في معصيته.

علاج قلة شكر الله تعالى

قلة الشكر مرض روحي، والدواء يبدأ بالمعرفة. فعندما يتفكّر الإنسان في ما أنعم الله عليه: من سمع وبصر وأمن وأهل وإيمان، سيخجل من نفسه لو لم يشكر.

ومن العلاج:

التفكر اليومي بالنعم: خصص دقيقةً كل صباح أو مساء لتعدّد ثلاث نِعم أعطاها الله لك.

مراجعة سلوكنا: هل استعملنا ألسنتنا بما يرضيه؟ هل أنفقنا من رزقه في سبيله؟

الإكثار من الدعاء بالشكر:كما ورد في دعاء الإمام زين العابدين (ع): “اللهم اجعل ما أنعمتَ به عليّ قوةً لي في طاعتك، وعوناً لي على مرضاتك.”

إضاءة على علامات المؤمن

من علامات المؤمن أن يكون شكوراً، كما جاء في الحديث الشريف: “المؤمن لا يُصاب ببلاء إلا شكر، ولا يُرزق نعمة إلا حمد، كل أمره رضا.”

الشكر ليس فقط على العطاء، بل حتى على الابتلاء.

فمن علم أن البلاء باب لرفع الدرجات، شكر الله عليه قبل أن يزول.

أهمية كثرة الدعاء

الدعاء هو لغة الشكر الأسمى، لأنّ من يدعو يعترف بضعفه ويفتح قلبه لله، وهذا بحدّ ذاته شكر.

وقد ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي: “فكيف لي بشكر نعمك يا ربّ، وأنا لا أبلغ من شكرها إلا معرفتي بالتقصير عنها؟”

ما هي أسباب عدم شكر نعم الله تعالى؟

  1. الاعتياد على النعمة: إذا لم يُدرّب الإنسان نفسه على التأمل بنعمة الله، سيعتادها ويظنّ أنها حق طبيعي.
  2. الانشغال بالدنيا: القلب المعلّق بالدنيا لا يرى النعمة، بل يرى ما “ينقصه”، فينسى شكر ما “أُعطيه”.
  3. الجهل بالله وصفاته: من لم يعرف الله، لا يمكن أن يشكره، لأنه يجهل مصدر النعمة.

مراتب شكر الله تعالى

  1. شكر بالقلب: الشعور بالامتنان لله في السرّاء والضرّاء.
  2. شكر باللسان: الذكر الدائم والحمد والثناء الجميل لله.
  3. شكر بالجوارح: أن تُستعمل النعمة في مرضاة الله وحده.

خلاصة

الشكر مدرسةٌ تربوية، لا يدخلها إلا من أراد النجاة. كلّما شكرنا الله ازددنا قرباً، وكلّما غفلنا عن شكره ابتعدنا عن رحمته شيئًا فشيئًا.

والله تعالى يُحب عبده الشكور، ويعده بالمزيد، وما على الإنسان إلا أن يتذكّر أنّ كلّ نفسٍ يتنفسه، وكل نبضة في قلبه، هي نعمة تستحق السجود.

مواضيع مشابهة

التنمية البشرية -10- آثار الشكر في حياة المسلم

فلسفة الشكر