قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: آداب الصلاة
آخر برامج من: الشيخ حسين الكوراني (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

الجهل بحقيقة الشكر – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله

من أعظم ما يُبتلى به الإنسان في علاقته مع ربه، أن يجهل حقيقة الشكر، فيحسب أن الشكر لله يعني أن يُردّد باللسان كلمات محدودة في أوقات معينة، بينما يكون قلبه ممتلئًا بالسخط والاعتراض، ولسانه يجامل الحقيقة ولا يعكس ما في باطنه.

 

الشكر ليس مجرد لفظ

الجهل بحقيقة الشكر يجعل الإنسان غافلًا عن المعنى الحقيقي للرضا عن الله عز وجل. فقد يقول أحدهم “الحمد لله” وهو في داخله متضجّر من حاله، متذمّر من ظروفه، ساخط على ما كتبه الله له. هذا ليس شكرًا، بل هو افتعال للشكر!

الشكر الحقّ هو أن ترى النعمة في كل ما قدّره الله لك، وأن تشهد في الابتلاء بابًا من أبواب الرحمة، وفي التضييق حكمة، وفي المنع لطفًا، وفي كل حال مقامًا للعبودية.

 

شكر النبي الأعظم صلى الله عليه وآله: عبودية خالصة

عن الإمام محمد الباقر عليه السلام، كما في الكافي للكليني، قال:

“كان رسول الله صلى الله عليه وآله عند عائشة ليلتها، فقالت: يا رسول الله لم تتعب نفسك، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا عائشة، أفلا أكون عبدًا شكورًا؟”

 

هذا الحديث يعلمنا أن الشكر ليس فقط على النعمة، بل هو حالة دائمة من الإحساس بفضل الله، حتى لو كنت في أعلى درجات القرب الإلهي. النبي صلى الله عليه وآله، وهو المعصوم المغفور له، ما ترك الشكر، بل ازداد في السجود والتعبّد، لأن قلبه ممتلئ بوعي النعمة.

 

الشكر: حدّه وفصله

وفي حديثٍ آخر عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام – أيضًا في الكافي – حين سُئل عن حدّ الشكر، قال:” نعم. أن يحمد الله على كل نعمة عليه في أهل ومال، وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أدّاه.”

فالشكر لا يتمّ إلا إذا انعكس على سلوكك اليومي: إن رأيت أن مالك من الله، فهل تؤدي زكاته وحقّه؟ إن أيقنت أن ولدك نعمة، فهل تربيه على طاعة الله؟ هذا هو الشكر العملي.

 

الشكر في كلمات الأنبياء

القرآن الكريم يعلمنا كيف كان الأنبياء يشكرون الله تعالى في مواقف حياتهم:

{سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} – شكر عند الركوب.

{رب أنزلني منزلاً مباركًا} – شكر عند الوصول.

{رب أدخلني مدخل صدق…} – شكر وتوسل واستعانة في التحرك والعمل.

هذه الآيات تعلمنا أن الشكر يتكرر في كل مفصل من مفاصل الحياة، في الحركة والسكون، في السفر والمقام، في العمل والراحة. وليس الشكر موقفًا عابرًا بل حالة قلبية مستمرة.

 

الخلاصة:

من أراد أن يكون شاكرًا حقًا، فليجعل من شكره مدرسة للتفكر، وليذكر دائمًا أن أعظم نعمة من نعم الله عليه هي نعمة الهداية إلى ولايته وولاية أهل البيت عليهم السلام.

فإن لم نشكر على هذه النعمة بوعيها، ومعرفتها، والعمل بها، فلن ينفعنا ترديد الألفاظ ولا طقوس اللسان.

مواضيع مشابهة

خير الزاد – 913 – الشكر وكيفيته

أحاديث في الشكر