قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: آداب الصلاة
آخر برامج من: الشيخ حسين الكوراني (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

أسباب عدم الشكر – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله

في معرضِ كلامه في «جامع السّعادات» يبيِّنُ الشيخُ التَّراقيّ (قدّس سرُّه) سببًا بارزًا لقِلَّة الشُّكر بين الناس، وهو أنَّ كثيرًا من النِّعَم تكون عامَّةً على الخلْق، فلا يختصُّ بها أحدٌ على وجهٍ يميِّزه عن غيره، فيفقدُها بالتالي طابعَ النِّعمة في نفسه، فيصير وجودُها مُسَلَّمًا به، مُعْتادًا لا يُعدُّ فضلًا ولا إحسانًا.

“لِكُونِهَا عامَّةً للخلق، مبذولةً لهم في جميع الحالات، فلا يرى كلُّ واحدٍ لنفسه اختصاصًا بها، فلا يعدُّها نعمة، وتأكَّدَ ذلك بألفِهم واعتيادهم بها، فلا يتصوَّرون خلاف ذلك، فيظنون أنَّ كلَّ إنسانٍ يلزم أن يكون على هذه الأحوال. فلذلك تراهم لا يشكرون الله على روح الهواء، وفور الماء، وصحة البصر والسمع، وأمثال ذلك.”

ولعلَّ أبرزَ هذه النِّعَم الهواء، فكلُّ مخلوقٍ يَتَنفَّسُه دونَ أن يعي حقَّ منْ أنعمَ عليه به؛ فإذا انقطع عنه هبَط قلبُه صاغرًا، وانطفأ أنفاسُه، فعندئذٍ يذوق حلاوةَ الشُّكر لنعمةٍ لم يشعر بفضلها إلا بعد فراقها.

 

لماذا لا نشكر الله؟

عموميّة النِّعمة تُغيبُ وَعيَ الفرد بها

إنَّ ما يُعمَّم على الناس كلِّهم يُخفي عن كلِّ واحدٍ خصوصيتهُ، فلا يُدْرِكُ أنَّهُ هو المخلوقُ الفريدُ الذي أنعمه اللهُ بحياتهُ وجوارحهِ وأحاسيسه.

الاعتادُ يورث الغفلةَ عن النِّعمة

ما أَلفَهُ القلبُ وأحسَّه جسدُهُ، صرنا نراهُ من المسلَّمات، فلا نسجدُ للمُنعمِ ولا نحمدُهُ على إحسانه.

المقاومةُ بالإبتلاء

لو أبقى اللهُ النَّعمةَ علينا لزمنٍ طويلٍ ما عرفنا قدرَها، لكن إذا أُبتُليت النفوسُ بانقطاعها، انتفضت لواجب الشُّكر وثارَت لحرمانها، فكان العجزُ عنها بابَ الاعتراف بفضلها.

 

أثرُ عدم الشكر في سلوك العبد

القلبُ الجافُّ يفتقرُ إلى شُكرٍ حقيقيّ: لأنَّهُ لا يَعِدُّ النِّعمةَ نعمةً حتى يُفرّط فيها.

العبدُ الواعيُ يختصُّ نفسهُ بالنعمة: فيوقن أنَّهُ الوحيدُ المستحقُّ لكلِّ فَضلٍ، فيتوجهُ بالشكر إلى المنعمِ.

التَّأمُّلُ سبيلٌ لاستعادةِ الإحساسِ بالنِّعمة: فإذا تأمَّل العبدُ في حركة الدمِّ في عروقه، وفي نبضات قلبه، وفي تنفُّسِه، استيقظت فيه حمدًا وشكرًا.

 

سُبلُ تنمية الشُّكر على النِّعَم العامَّة

التذكيرُ المراتِبُ: بمراقبة آياتِ الله في الكون، وترديدِ ما ورد في القرآن من الدعاء:

“اللَّهُمَّ ما أحييتَني من نعمةٍ فاجعلها شكرًا لك، وما أماتَني منها فتجاوز عنِّي”

المساءلةُ اليوميَّة: أن يسألَ العبدُ نفسهُ عند المساءِ:

“ماذا قدَّمتُ اليوم من شُكرٍ لنعمةِ البصرِ، والسمعِ، والقلبِ؟”

 

خاتمة:

الإحساسُ بالفقر أمام النِّعمة: لا يكتفي بامتلاك النعمة، بل يستشعرُ عدمَ استحقاقِه لها، فيتواضعُ للهِ شاكرًا.

بهذا التفكيك والتأمُّل يخرجُ العبدُ من دائرةِ الغفلة إلى ساحةِ الشُّكر الحقيقي، فيكون قلبهُ مُنشرحًا بالعرفان، ولسانهُ رطبًا بالحمد، وسلوكهُ متناسقًا مع مقامِ الشُّكر.

 

مواضيع مشابهة

خير الزاد – 913 – الشكر وكيفيته

أحاديث في الشكر