قناة المعارف الفضائية | سراج العلم والفضيلة
فهرس: آداب الصلاة
آخر برامج من: الشيخ حسين الكوراني (ره)
آخر برامج في قناة المعارف الفضائية

ما هي الفرص التي تغتنم؟ – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله

الحياة الدنيا ليست دار بقاء، وإنما هي ممرّ قصير إلى دار القرار. ومن أهم ما أوصت به النصوص القرآنية والروايات الشريفة هو اغتنام الفرص التي يضعها الله بين أيدينا، وعدم التفريط في أيام العمر وساعات القدرة والنشاط. وقد بيّن القرآن الكريم أن التنافس الحقيقي ليس في زخارف الدنيا، بل في أعمال البر والتقوى:

﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين: 26].

 

الفرص الخمس الكبرى:

ورد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله):

(اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك).

شرح الرواية:

الحياة قبل الموت: فرصة العمر هي رأس المال، ولا يُدرك قيمة العمل إلا عند فوات الأوان. قال العلماء: أعظم حسرة للعبد أن يلقى الله بصحيفة فارغة من الخيرات.

الصحة قبل السقم: الصحة نعمة غالية، وهي الوعاء الذي تتحقق فيه الطاعات، فإذا ضاعت لم يعد بالإمكان إنجاز الكثير من القربات.

الفراغ قبل الشغل: وقت الفراغ هو مجال الاستثمار الحقيقي للنفس في طلب العلم وذكر الله وخدمة الناس، وقد عدّه العلماء أثمن من الذهب إن استُغلّ بالخير.

الشباب قبل الهرم: مرحلة القوة والنشاط هي أجمل ميادين الطاعة، فمن استثمر شبابه في طاعة الله رفعه الله بين عباده يوم القيامة.

الغنى قبل الفقر: المال وسيلة، فإذا استُثمر في الصدقات وصلة الرحم صار ذخيرة للآخرة، أما إذا أُهمل ضاع في الدنيا وبقيت الحسرات.

 

نصيبك من الدنيا لآخرتك:

قال تعالى: ﴿وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [القصص: 77]. وقد فسّرها أمير المؤمنين (عليه السلام) قائلاً:

(لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الآخرة).

أي أن الدنيا ليست غاية بحد ذاتها، بل هي وسيلة لصناعة الآخرة، فهي مزرعة ومن أراد الحصاد عليه أن يغتنم أيام البذر.

 

اغتنام صحبة الناس:

ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام):

(اغتنم من أهل زمانك خمساً: إن حضرت لم تُعرف، وإن غبت لم تُفتقد، وإن شهدت لم تُشاور).

وقد بيّن العلماء أن المقصود هو التواضع لله والابتعاد عن طلب الشهرة والرياء، لأن العز الحقيقي هو في رضوان الله، لا في نظر الناس.

 

اغتنام صنائع الإحسان:

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):

(اغتنم صنائع الإحسان، وارع ذمم الإخوان).

الفرص ليست محصورة في العمر والصحة فقط، بل أيضاً في العلاقات الإنسانية. فالإحسان للآخرين وصيانة الودّ من أعظم أبواب الخير التي تفتح القلوب وتجذب رحمة الله.

 

الخلاصة:

الفرص التي ينبغي اغتنامها في حياة الإنسان لا تتوقف عند حدود العمر أو الصحة، بل تشمل كل نعمة يهبها الله لنا: الوقت، الشباب، المال، الصحبة الصالحة، وصنائع المعروف. ومن يغتنم هذه الفرص يجعل منها سُلّماً إلى الخشوع في الصلاة، وزاداً إلى التقوى، وذخراً للآخرة. أما من فرّط فيها فقد خسر رأس ماله، وواجه حسرة الندامة يوم لا ينفع الندم.

 

مواضيع مشابهة

خير الزاد – 980 – الشباب واغتنام الفرص

الفرص في الحياة