على أعتاب الإمام المهدي عج (2) – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
يُعتبر ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه نقطة مشتركة في معتقدات المسلمين الشيعة والسنة، فهو رمز للأمل والعدل في آخر الزمان. في هذا المقال، نستعرض رؤية الشيخ حسين الكوراني رحمه الله حول مسألة بقاء الإمام المهدي على قيد الحياة لفترة طويلة، والفوائد الروحية والسياسية التي يجلبها وجود إمام غائب للأمة، مستندين إلى الأدلة القرآنية والروايات النبوية.
ظهور الإمام المهدي: المعتقد المشترك بين المسلمين
العقيدة الراسخة:
يتفق المسلمون، سواء من أهل السنة أو الشيعة، على ظهور الإمام الحجة في آخر الزمان ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملأتها ظلاً وظلماً.
مسألة النسب:
رغم اختلاف بعض العلماء في مسألة نسب الإمام المنتظر، إلا أن العديد من علماء الشيعة، ومنهم الكنجي الشافعي في كتابه “البيان في أخبار صاحب الزمان”، صرحوا بولادته، مما يضفي على العقيدة بعدًا تاريخيًا ودينيًا متينًا.
كيف يتقبل العقل بقاء الإمام المهدي على قيد الحياة لأكثر من 1000 عام؟
الرؤية العلمية والروحية:
من الناحية العلمية، قد يُصعب على العقل تصديق أن يعيش الإنسان أكثر من 1000 عام، نظرًا لتجدد خلايا الجسم وقدرة الدماغ على التغير مع مرور الزمن. ومع ذلك، يستند الإسلام على أدلة قرآنية واضحة منها:
قصة نوح عليه السلام:
يُذكر في القرآن أن نوح قضى بين قومه في فترة الدعوة لمدة 950 عامًا، وذلك دون احتساب سنوات ما قبل الدعوة وما بعدها، مما يفتح باب إمكانية حياة الإنسان لفترات استثنائية بأمر الله.
البعد الإيماني:
تبقى مسألة عمر الإمام المهدي موضوعًا إيمانيًا يعتمد على قدرة الله الخارقة التي تتجاوز حدود العقل البشري. فهو من المخلوقات المختارة لحفظ قيم العدل والحق في العالم.
الفائدة من وجود إمامٍ غائب
توجيه الأمة في غيابه:
تروي الروايات النبوية، كما ورد عن جابر بن يزيد الجعفي، أن الرسول صلى الله عليه وآله أمر بأولي الأمر خلفاءً وأئمةً بعده، ليكون الإمام المهدي ذاك الذي “يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها”.
يُشبَّه دوره بنور الشمس، حيث يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته حتى في غيبته، تمامًا كما يستفيد الناس من أشعة الشمس حتى وإن كانت السحب تغطيها.
سرّ الله ومخزون علمه:
يؤكد الرسول صلى الله عليه وآله أن الإمام المهدي هو “من مكنون سر الله ومخزون علمه”، فلا يُكشف عن أمره إلا لأهله من أهل الإيمان الذين امتحن الله قلوبهم.
حماية الأمة من الفتنة:
إن وجود إمامٍ غائب يعد بمثابة مرجعية راسخة تُمنح للأمة توجيهًا وإرشادًا في ظل الفتن والتحديات التي قد تواجهها، مما يحافظ على وحدة الصف الإسلامي.
دور الإمام المهدي في تحقيق العدالة والاستقرار
ملء الأرض عدلاً:
يأتي ظهور الإمام المهدي في وقت تكون فيه الأرض قد امتلأت ظلمًا وظلماً، فيكون دوره إعادة بناء النظام القائم على العدل والمساواة.
رمز للوحدة والأمل:
يمثل الإمام المهدي رمزًا للوحدة بين المسلمين وإشارة إلى قدرة الله على تحقيق الخلاص والتحول الاجتماعي، مما يمنح الأمة أملًا متجددًا في مستقبل أفضل.
خاتمة
إن عقيدة الإمام الحجة عجل الله فرجه تحمل معاني عميقة تتجاوز حدود الزمان والمكان، فهي تجمع بين البعد العلمي والروحي لتؤكد قدرة الله على تحقيق المستحيل. وجود إمامٍ غائب ليس مجرد أمر نظري، بل هو ضمان لاستمرارية العدل وإحياء قيم الحق في العالم. وبينما يستمر المؤمنون في انتظار ظهوره، يظل نور عهده مرجعًا يضيء دروب الأمل والوحدة للمجتمعات الإسلامية كافة.
