دروس الإمام الباقر عليه السلام – الشيخ حسين الكوراني رحمه الله
روى أبو عيينة قال: كنت عند أبي جعفر الإمام الباقر عليه السلام فدخل رجل فقال أنا من أهل الشام أتولاكم وأبرأ من عدوكم وأبي كان يتولى بني أمية وكان له مال كثير ولم يكن له ولد غيري وكان مسكنه بالرملة وكانت له جنينة يتخلى فيها بنفسه فلما مات طلبت المال فلم أظفر به ولا أشك أنه دفنه وأخفاه مني.
قال الإمام الباقر أ فتحب أن تراه وتسأله أين موضع ماله قال إي والله إني فقير محتاج فكتب أبو جعفر كتابا وختمه بخاتمه ثم قال انطلق بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسطه ثم تنادي يا درجان يا درجان فإنه يأتيك رجل معتم فادفع إليه كتابي وقل أنا رسول محمد بن علي بن الحسين فإنه يأتيك به فاسأله عما بدا لك، فأخذ الرجل الكتاب وانطلق.
قال أبو عيينة فلما كان من الغد أتيت أبا جعفر الإمام الباقر عليه السلام لأنظر ما حال الرجل فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له فأذن له فدخلنا جميعا فقال الرجل الله يعلم عند من يضع العلم قد انطلقت البارحة وفعلت ما أمرت فأتاني الرجل فقال لا تبرح من موضعك حتى آتيك به فأتاني برجل أسود فقال هذا أبوك قلت ما هو أبي قال بل غيره اللهب ودخان الجحيم و العذاب الأليم فقلت له أنت أبي قال نعم قلت فما غيرك عن صورتك و هيئتك قال يا بني كنت أتولى بني أمية و أفضلهم على أهل بيت النبي بعد النبي صلى الله عليه وآله فعذبني الله بذلك و كنت أنت تتولاهم فكنت أبغضك على ذلك وحرمتك مالي فزويته عنك و أنا اليوم على ذلك من النادمين فانطلق يا بني إلى جنينتي فاحتفر تحت الزيتونة و خذ المال (و هو مائة ألف و خمسون ألفا) فادفع إلى محمد بن علي عليه السلام خمسين ألفا و الباقي لك.
ثم قال فأنا منطلق حتى آخذ المال وآتيك بمالك قال أبو عيينة فلما كان من قابل دخلت على أبي جعفر الإمام الباقر عليه السلام فقلت ما فعل الرجل صاحب المال قال قد أتاني بخمسين ألف درهم فقضيت منها دينا كان علي وابتعت منها أرضا بناحية خيبر ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي.